تُعد آلام الدورة الشهرية تجربة شائعة لدى الكثير من النساء ولكن عندما تتجاوز هذه الآلام حد الانزعاج المعتاد لتصبح شديدة ومعيقة فإنها تستدعي اهتماماً خاصاً وفهماً أعمق لأسبابها المحتملة. إن اسباب الام الدورة الشهرية الشديدة ليست فقط إحساس عابر بل من شأنها أن تكون مؤشراً على حالات صحية كامنة تتطلب تشخيصاً دقيقاً وعلاجاً مناسباً.
غايتنا في هذا المقال تسليط الضوء على مختلف جوانب هذه المشكلة بدءاً من تعريفها وأعراضها ومروراً بأنواعها ومسبباتها المتنوعة وصولاً إلى سبل التشخيص والعوامل التي تستوجب استشارة الطبيب، كل ذلك بأسلوب علمي مبسط وموثوق ومُحسن ليقدم لكِ الفائدة المرجوة.
ما هو ألم الدورة الشهرية الشديد (عسر الطمث) وما أعراضه؟
يُعرف ألم الدورة الشهرية الشديد طبياً بمصطلح "عسر الطمث" (Dysmenorrhea) وهو ألم نابض أو تشنجي يتركز عادةً في منطقة أسفل البطن وقد يسبق بدء الدورة بيوم إلى ثلاثة أيام ليبلغ ذروته خلال الـ 24 ساعة الأولى من نزول الطمث ثم يخف تدريجياً خلال يومين إلى ثلاثة أيام في معظم الحالات وخاصة عندما لا يكون مرتبطاً بحالة مرضية أخرى. ما يميز عسر الطمث الشديد هو حدة الألم التي قد تصل إلى درجة تعيق المرأة عن ممارسة أنشطتها اليومية والمهنية بشكل طبيعي.
إن هذا الألم ليس مجرد شعور بسيط بالضيق بل هو تجربة حقيقية تكون منهكة للجسد والنفس. تترافق آلام الدورة الشهرية الشديدة عادةً مع مجموعة من الأعراض الأخرى التي تزيد من حدة المعاناة ومن أبرز هذه الأعراض ما يلي:
- ألم حاد نابض أو تشنجي أسفل البطن.
- ألم ممتد إلى أسفل الظهر والفخذين.
- غثيان وأحياناً قيء.
- اضطرابات هضمية كالإسهال.
- صداع وإرهاق عام وشعور بالضعف.
- دوخة وفي حالات نادرة إغماء.
هذه الأعراض مجتمعة حين تكون شديدة يمكنها أن تعرقل قدرة المرأة على التركيز في عملها أو دراستها وقد تضطرها إلى التغيب عن التزاماتها، الأمر الذي يؤثر سلباً على جودة حياتها الاجتماعية والنفسية. إن الطيف الواسع لهذه الأعراض يشير إلى أن تأثير عسر الطمث يتجاوز مجرد الألم الجسدي الموضعي، بل قد يمتد ليؤثر على الجسم بأكمله وهو ما يستدعي تقييماً شاملاً للتعامل مع الحالة بفعالية.
أنواع آلام الدورة الشهرية الشديدة
لفهم أسباب آلام الدورة الشهرية الشديدة بشكل أعمق من الضروري التمييز بين نوعين رئيسيين من عسر الطمث: عسر الطمث الأولي وعسر الطمث الثانوي. هذا التمييز ليس أكاديمياً بحتاً بل هو جوهري لأنه يوجه مسار التشخيص ويحدد الخيارات العلاجية المناسبة لكل حالة حيث إن أحدهما لا يرتبط بمرض عضوي محدد بينما يكون الآخر عرضاً لمشكلة صحية قائمة.
1. عسر الطمث الأولي
يُقصد بعسر الطمث الأولي ذلك الألم الحيضي الذي يحدث في غياب أي مرض أو اضطراب عضوي يمكن تحديده في منطقة الحوض. يبدأ هذا النوع من الألم عادةً خلال 6 إلى 12 شهراً من بدء أول دورة شهرية للفتاة (البلوغ) أي مع استقرار الدورات الإباضية. والسبب الرئيسي وراء هذا النوع من الألم هو زيادة إنتاج مواد كيميائية تُعرف بـ البروستاجلاندينات في بطانة الرحم.
تؤدي هذه البروستاجلاندينات إلى حدوث انقباضات قوية ومُفرطة في عضلات الرحم بهدف طرد بطانة الرحم المنسلخة. وعلى الرغم من أن هذه الانقباضات عملية فسيولوجية طبيعية إلا أن زيادتها عن الحد تؤدي إلى نقص مؤقت في تروية عضلة الرحم بالأكسجين وهو ما ينتج عنه الشعور بالألم الشديد.
وقد لوحظ أن مستويات البروستاجلاندين تكون أعلى لدى النساء اللاتي يعانين من عسر طمث أولي أكثر شدة. عادةً ما يستمر الألم المصاحب لعسر الطمث الأولي من 8 إلى 72 ساعة ويميل إلى التحسن مع التقدم في العمر أو بعد تجربة الحمل والولادة. ويُعتبر هذا النوع هو الأكثر شيوعاً بين الفتيات والشابات.
إن فهم دور البروستاجلاندينات في آلية حدوث عسر الطمث الأولي يفسر بشكل كبير فعالية مجموعة من الأدوية وهي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) كالإيبوبروفين والنابروكسين في تخفيف هذا الألم. تعمل هذه الأدوية عن طريق تثبيط إنتاج البروستاجلاندينات وبالتالي تقليل شدة الانقباضات الرحمية المؤلمة مما يجعلها خياراً علاجياً منطقياً وفعالاً خاصة إذا تم تناولها عند بدء الشعور بالألم أو حتى قبله بقليل.
2. عسر الطمث الثانوي
على النقيض من النوع الأوليّ فإن عسر الطمث الثانوي هو ألم حيضي يكون مرتبطاً بشكل مباشر بوجود مرض أو حالة مرضية كامنة في أعضاء الحوض. هذا يعني أن الألم هنا ليس فقط نتيجة لزيادة البروستاجلاندينات بشكل طبيعي بل هو عرض لمشكلة أكبر تستدعي البحث والتشخيص.
قد يبدأ عسر الطمث الثانوي في أي مرحلة عمرية بعد بدء الحيض ولكنه أكثر شيوعاً في الظهور بعد سن الخامسة والعشرين أو قد يتطور لاحقاً في حياة المرأة حتى لو كانت دوراتها الشهرية سابقاً غير مؤلمة أو محتملة. من السمات المميزة لهذا النوع أن طبيعة الألم أو شدته قد تتغير بمرور الوقت وقد يستمر لفترة أطول مقارنة بعسر الطمث الأولي، وأحياناً قد يمتد الألم لما بعد انتهاء الدورة الشهرية. وغالباً ما يكون مصحوباً بأعراض أخرى تختلف باختلاف السبب الكامن مثل غزارة الطمث أو الشعور بألم أثناء العلاقة الزوجية أو حتى مواجهة صعوبات في الإنجاب.
إن أي تغير ملحوظ في نمط آلام الدورة الشهرية لدى المرأة كظهور ألم شديد بعد سنوات من الدورات المحتملة أو زيادة تدريجية ومقلقة في شدة الألم المعتاد يُعد مؤشراً قوياً يجب أن يدفعها للشك في احتمالية وجود عسر طمث ثانوي. هذا التغير في النمط هو بمثابة "علامة تحذيرية" تستدعي التقييم الطبي المتخصص للبحث عن أسباب الام الدورة الشهرية الشديدة الكامنة. فالحالات المرضية المسببة لهذا النوع من الألم مثل الانتباذ البطاني الرحمي أو الأورام الليفية قد تستغرق وقتاً لتتطور وتصبح أعراضها واضحة.
إن التمييز الدقيق بين عسر الطمث الأولي والثانوي هو حجر الزاوية في رحلة البحث عن السبب الحقيقي وراء آلام الدورة الشهرية الشديدة، وهو ما يمهد الطريق لوضع خطة علاجية ملائمة وفعالة.
اسباب الام الدورة الشهرية الشديدة المتعلقة بعسر الطمث الثانوي
عندما يكون ألم الدورة الشهرية شديداً ومرتبطاً بعسر الطمث الثانوي فإن قائمة أسباب آلام الدورة الشهرية الشديدة المحتملة تتسع لتشمل مجموعة من الحالات الطبية التي تؤثر على صحة الجهاز التناسلي للمرأة. كل حالة من هذه الحالات لها آليتها الخاصة في إحداث الألم وفهم هذه الآليات يساعد في تقدير أهمية التشخيص الدقيق والعلاج الموجه.
1. الانتباذ البطاني الرحمي (بطانة الرحم المهاجرة)
يُعد الانتباذ البطاني الرحمي أو ما يُعرف بـ "بطانة الرحم المهاجرة" أحد أبرز وأشهر أسباب آلام الدورة الشهرية الشديدة، بل هو من أكثر أسباب عسر الطمث الثانوي شيوعاً. تتمثل هذه الحالة في نمو نسيج مشابه للنسيج المبطن للرحم (بطانة الرحم أو Endometrium) في أماكن خارج تجويف الرحم مثل المبيضين أو قناتي فالوب أو على سطح الأمعاء أو الأنسجة المبطنة لتجويف الحوض.
المشكلة تكمن في أن هذا النسيج "المهاجر" يستجيب للتغيرات الهرمونية الشهرية تماماً كما تستجيب بطانة الرحم الطبيعية؛ فهو يثخن وينمو ثم ينزف مع كل دورة شهرية. ولكن على عكس دم الحيض الذي يجد طريقه للخروج من الجسم عبر المهبل فإن هذا الدم الناتج عن النسيج المنتبذ لا يجد مخرجاً فيتجمع في الأنسجة المحيطة مسبباً التهاباً وتورماً وتكوّن نسيج ندبي وظهور التصاقات بين الأعضاء.
هذه العملية الالتهابية والتندبية هي المصدر الرئيسي للألم الشديد الذي تشعر به المرأة خاصة خلال فترة الدورة الشهرية. فضلاً عن الآلام الشديدة أثناء الدورة يمكن أن يتسبب الانتباذ البطاني الرحمي في ظهور أعراض أخرى جديرة بالانتباه منها:
- ألم حوضي مزمن لا يقتصر على فترة الدورة.
- ألم شديد أثناء أو بعد العلاقة الزوجية (عسر الجماع).
- ألم عند التبول أو التبرز خاصة خلال الحيض.
- نزيف حيض غزير أو دورات غير منتظمة.
- صعوبات في الإنجاب أو تأخر الحمل (عقم).
- شعور بالإرهاق والإنهاك العام وأحياناً غثيان أو انتفاخ.
من المهم إدراك أن الانتباذ البطاني الرحمي ليس فقط "دورة مؤلمة عادية" بل هو مرض مزمن يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة حياة المرأة وخصوبتها وصحتها النفسية. ومن المثير للانتباه أن شدة الألم لا تتناسب دائماً مع مدى انتشار المرض؛ فبعض النساء قد يعانين من ألم شديد مع وجود بؤر قليلة من الانتباذ بينما قد تكون لدى أخريات بؤر منتشرة مع ألم أقل. هذا التباين - إضافة إلى تنوع الأعراض التي قد تتداخل مع حالات أخرى - يساهم أحياناً في تأخير التشخيص مما يسمح للمرض بالتفاقم. لذلك فالتشخيص المبكر والتقييم المتخصص عند الشك في وجود هذه الحالة أمران بالغا الأهمية.
2. الأورام الليفية الرحمية
تُعتبر الأورام الليفية الرحمية (Uterine Fibroids) من الحالات الشائعة جداً لدى النساء في سن الإنجاب وهي عبارة عن أورام حميدة (غير سرطانية) تنشأ من النسيج العضلي لجدار الرحم. على الرغم من كونها حميدة إلا أنها غالباً ما تكون من مسببات آلام الدورة الشهرية الشديدة والنزيف الغزير لدى الكثيرات.
تعتمد آلية حدوث الألم والأعراض الأخرى المصاحبة للأورام الليفية على عدة عوامل أهمها حجم هذه الأورام وعددها وموقعها داخل الرحم أو عليه. فالأورام الليفية الكبيرة أو المتعددة يمكن أن تسبب ضغطاً على بطانة الرحم أو تشوه تجويف الرحم مما يؤدي إلى زيادة مساحة سطح بطانة الرحم وبالتالي نزيف أغزر وأطول خلال الدورة.
هذا النزيف الغزير يكون أحياناً مصحوباً بتكوّن جلطات دموية كبيرة ويتطلب الرحم انقباضات قوية ومؤلمة لطرد هذه الجلطات مما يفاقم من آلام الدورة. بعض أنواع الأورام الليفية وبخاصة تلك التي تنمو داخل تجويف الرحم (تحت المخاطية) أو داخل جداره (الداخلية) هي الأكثر ارتباطاً بالنزيف الغزير والألم.
كما أن بعض الأورام الليفية المعلقة بساق (pedunculated) قد تتعرض للالتواء مسببة ألماً حاداً ومفاجئاً. وتتنوع الأعراض التي تشير إلى أن الأورام الليفية هي سبب آلام الدورة الشهرية الشديدة ومنها:
- نزيف حيض غزير جداً (غزارة الطمث) أو يستمر لفترة أطول من المعتاد.
- الشعور بضغط أو امتلاء أو ثقل في منطقة الحوض أو أسفل البطن.
- الحاجة المتكررة للتبول إذا كان الورم الليفي يضغط على المثانة.
- صعوبة في التبرز أو إمساك إذا كان الورم يضغط على المستقيم.
- ألم في أسفل الظهر أو الساقين.
- ألم أو عدم راحة أثناء العلاقة الزوجية.
- في بعض الحالات قد تسبب الأورام الليفية الكبيرة تضخماً ملحوظاً في البطن أو تؤثر على الخصوبة.
من الجدير بالذكر أنه ليس كل ورم ليفي يسبب أعراضاً؛ فالعديد من النساء لديهن أورام ليفية صغيرة لا تسبب أي مشاكل. ولكن عند ظهور الأعراض وبخاصة آلام الدورة الشديدة والنزيف الغزير الذي قد يؤدي إلى فقر الدم يصبح حينها التقييم الطبي ضرورياً.
ومن الملاحظ أن نمو الأورام الليفية يتأثر بالهرمونات الأنثوية خاصة الإستروجين مما يفسر سبب شيوعها خلال سنوات الإنجاب واحتمالية تقلص حجمها وتراجع الأعراض المصاحبة لها بعد انقطاع الطمث.
3. العضال الغدي الرحمي (Adenomyosis)
يُعد العضال الغدي الرحمي حالة أخرى من ضمن الحالات المسببة للآلام الشديدة جداً أثناء الدورة الشهرية وهي تشبه إلى حد ما الانتباذ البطاني الرحمي ولكن مع اختلاف جوهري في موقع النسيج المنتبذ. في حالة العضال الغدي تنمو أنسجة بطانة الرحم (Endometrial tissue) مباشرة داخل الجدار العضلي السميك للرحم (Myometrium) بدلاً من نموها خارج الرحم كما في الانتباذ البطاني الرحمي.
هذا النسيج البطاني الذي يغزو عضلة الرحم يستجيب أيضاً للتغيرات الهرمونية الشهرية فيثخن وينزف خلال فترة الدورة. ولأن هذا الدم والأنسجة تكون محتبسة داخل جدار الرحم العضلي فإنها تسبب التهاباً وتورماً موضعياً مما يؤدي إلى تضخم الرحم بشكل عام أو جزئي ويُحدث انقباضات رحمية مؤلمة جداً وشديدة. هذا "النزيف الداخلي" ضمن عضلة الرحم هو ما يميز آلية الألم في العضال الغدي.
إلى جانب الام الدورة الشهرية الشديدة جداً يمكن أيضاً أن تشمل أعراض العضال الغدي ما يلي:
- نزيف حيض كثيف جداً وطويل الأمد (غزارة الطمث).
- ألم حوضي مزمن قد يستمر حتى خارج أوقات الدورة الشهرية.
- شعور بالضغط أو الامتلاء أو الثقل في أسفل البطن.
- ألم أثناء ممارسة العلاقة الزوجية (عسر الجماع).
- ملاحظة كبر حجم الرحم عند الفحص السريري أو بالتصوير.
قد يترافق العضال الغدي أحياناً مع حالات أخرى مثل الانتباذ البطاني الرحمي أو الأورام الليفية مما يجعل التشخيص أكثر تعقيداً. وعلى الرغم من أن العضال الغدي أقل شهرة من الانتباذ البطاني الرحمي إلا أنه سبب هام لآلام الدورة الشديدة والنزيف الغزير وقد يتطلب علاجات محددة تختلف عن الحالات الأخرى.
إن التشخيص الدقيق الذي يعتمد أحياناً على التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي مهم للتمييز بينه وبين الحالات الأخرى ذات الأعراض المتشابهة وتجنب المعاناة الطويلة وغير الضرورية للمرأة. فالتأثير التراكمي للنزيف الغزير (الذي قد يؤدي إلى فقر الدم) والألم المزمن يمكن أن يكون له تداعيات سلبية كبيرة على جودة الحياة.
4. مرض التهاب الحوض (PID)
يُشير مرض التهاب الحوض (Pelvic Inflammatory Disease - PID) إلى حدوث عدوى والتهاب في الأعضاء التناسلية الأنثوية العلوية والتي تشمل الرحم وقناتي فالوب والمبيضين. يُعتبر هذا المرض من عوامل وأسباب حدوث آلام شديدة أثناء الدورة الشهرية والتي تستدعي اهتماماً طبياً عاجلاً نظراً لمضاعفاته المحتملة على الصحة الإنجابية.
في الغالب يحدث مرض التهاب الحوض نتيجة لعدوى بكتيرية منقولة جنسياً (STIs) لم يتم علاجها بشكل صحيح وأشهرها عدوى الكلاميديا والسيلان. يمكن لهذه البكتيريا أن تنتقل من المهبل وعنق الرحم صعوداً إلى داخل الرحم وقناتي فالوب والمبيضين مسببة التهاباً حاداً أو مزمناً.
وفي بعض الحالات الأقل شيوعاً ينجم مرض التهاب الحوض عن بكتيريا طبيعية موجودة في المهبل تنتقل إلى الأعضاء التناسلية العليا أو بعد بعض الإجراءات الطبية كتركيب اللولب (خاصة في الأسابيع الأولى) أو بعد الولادة أو الإجهاض. يؤدي الالتهاب الناجم عن العدوى إلى ألم في منطقة الحوض وقد يتسبب في تكوّن نسيج ندبي والتصاقات في قناتي فالوب والأنسجة المحيطة. وخلال فترة الدورة الشهرية يمكن للتغيرات الهرمونية والالتهاب الموجود أن يزيدا من حدة الألم والنزيف.
وتتعدد العلامات التي تنذر بوجود مرض التهاب الحوض إلى جانب الآلام الشديدة للدورة الشهرية ومنها:
- ألم مستمر أو متقطع في أسفل البطن ومنطقة الحوض يتراوح بين الخفيف والشديد.
- إفرازات مهبلية غير طبيعية تكون صفراء أو خضراء اللون أو ذات رائحة كريهة.
- ارتفاع في درجة الحرارة (حمى) وأحياناً قشعريرة.
- ألم أو شعور بالحرقان عند التبول.
- نزيف رحمي بين فترات الحيض أو بعد العلاقة الزوجية.
- ألم أثناء العلاقة الزوجية.
- في بعض الحالات تشعر المرأة بغثيان وقيء.
من الأمور المقلقة أن بعض النساء المصابات بمرض التهاب الحوض لا تظهر عليهن أعراض واضحة في البداية أو تكون الأعراض خفيفة جداً وهو الأمر الذي يؤدي إلى تأخير التشخيص والعلاج. هذا التأخير يمكن أن يسمح للعدوى بإحداث ضرر دائم في الجهاز التناسلي خاصة في قناتي فالوب مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل العقم (صعوبة أوي استحالة الحمل) وزيادة خطر الحمل خارج الرحم وتكوّن خراجات في الحوض والألم الحوضي المزمن. لذلك فإن التشخيص المبكر والعلاج الفوري بالمضادات الحيوية المناسبة أمران حاسمان لمنع هذه المضاعفات طويلة الأمد.
أسباب أخرى محتملة لآلام الدورة الشهرية الشديدة
إلى جانب الحالات المرضية الرئيسية التي تم تناولها توجد مجموعة أخرى من الأسباب المحتملة لآلام الدورة الشهرية الشديدة التي تكون أقل شيوعاً ولكنها تظل ذات أهمية في عملية التشخيص التفريقي. فمن الضروري ألا يتم إغفال أي احتمال عند تقييم حالة المرأة التي تعاني من آلام شديدة. وإدراك أن قائمة الأسباب المحتملة واسعة ومتنوعة يؤكد على أهمية عدم التسرع في التشخيص الذاتي واللجوء إلى الطبيب المختص.
من بين هذه الأسباب الإضافية التي تستحق الذكر:
- ضيق عنق الرحم الخلقي أو المكتسب (Cervical Stenosis).
- بعض أنواع أكياس المبيض (Ovarian Cysts) ومضاعفاتها كالالتواء أو التمزق.
- الزوائد اللحمية (البوليبات) في بطانة الرحم (Endometrial Polyps).
- استخدام اللولب الرحمي النحاسي (Copper IUD).
- تشوهات خلقية في بنية الرحم مثل الرحم ذو القرنين أو الرحم المنفصل.
- مضاعفات مرتبطة بالحمل المبكر كالإجهاض أو الحمل خارج الرحم.
- وجود التصاقات أو ندوب في الحوض نتيجة لجراحات سابقة أو التهابات مزمنة.
مثلاً يمكن لضيق عنق الرحم أن يعيق التدفق الطبيعي لدم الحيض مما يؤدي إلى تراكم الدم داخل الرحم وزيادة الضغط والانقباضات المؤلمة. أما اللولب النحاسي فيمكن أن يسبب تهيجاً موضعياً لبطانة الرحم لدى بعض النساء مما يزيد من إنتاج البروستاجلاندينات وبالتالي يزيد من غزارة الدورة وآلامها خاصة في الأشهر الأولى بعد التركيب. والزوائد اللحمية في بطانة الرحم - وهي نموات حميدة - تسبب نزيفاً غير طبيعي وأحياناً ألماً تشنجياً أثناء محاولة الرحم طردها.
إن تنوع أسباب الآلام الشديدة للدورة الشهرية بما في ذلك هذه الحالات الأقل شيوعاً يؤكد على أن التشخيص الدقيق من قبل الطبيب هو السبيل الوحيد لتحديد السبب الفعلي ووضع خطة العلاج المناسبة. فالعلاج يعتمد كلياً على تحديد المسبب الأساسي وما يكون فعالاً لحالة ما قد لا يكون مناسباً لحالة أخرى.
الحالة المرضية | طبيعة الألم المميزة | الأعراض الرئيسية الأخرى المصاحبة | ملاحظات هامة (مثل التأثير على الخصوبة والعمر النموذجي للظهور) |
---|---|---|---|
الانتباذ البطاني الرحمي |
|
|
يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الخصوبة، ومن المحتمل أن يظهر في أي عمر بعد البلوغ، ولكن التشخيص قد يتأخر. |
الأورام الليفية الرحمية |
|
|
شائعة جداً في سن الإنجاب، والتأثير على الخصوبة يعتمد على حجم وموقع الورم. كما أنها غالباً ما تتقلص بعد انقطاع الطمث. |
العضال الغدي الرحمي |
|
|
أكثر شيوعاً في النساء فوق سن 30-40 اللاتي أنجبن، وقد يصعب تشخيصه، كما أنه قد يترافق مع الانتباذ البطاني الرحمي. |
مرض التهاب الحوض (PID) |
|
|
غالباً نتيجة عدوى منقولة جنسياً غير معالجة، ويمكن أن يسبب عقماً أو حملاً خارج الرحم إذا لم يُعالج مبكراً. |
ضيق عنق الرحم | ألم تشنجي مفاجئ وشديد مع بدء تدفق الحيض قد يخف بعد مرور بعض الدم. |
|
قد يكون خلقياً أو ناتجاً عن جراحة أو التهاب سابق في عنق الرحم. |
اللولب النحاسي (IUD) | زيادة في آلام الدورة التشنجية المعتادة وزيادة في غزارة النزيف. |
|
الأعراض تكون أكثر شيوعاً في الأشهر الأولى بعد التركيب وتميل للتحسن مع الوقت لدى البعض. |
إن أسباب الآلام غير الطبيعية للدورة الشهرية متنوعة ومعقدة كما يتضح، والخطوة الأهم التي يمكنكِ اتخاذها هي عدم التردد في طلب المشورة الطبية المتخصصة عند الشعور بألم شديد أو ملاحظة أي تغيرات مقلقة. فالوصول إلى تشخيص دقيق هو المفتاح نحو خطة علاجية فعالة تعيد لكِ راحتكِ وجودة حياتكِ.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بآلام الدورة الشهرية الشديدة
في حين أن بعض أسباب ألم الدورة الشهرية الشديد ترتبط بحالات مرضية محددة فإنه توجد مجموعة من العوامل التي لا تُعتبر مسببات مباشرة للألم بالضرورة، ولكنها تزيد من احتمالية حدوثه أو تفاقم شدته أو تكراره لدى بعض النساء. إدراك هذه العوامل يمكن أن يساعد في اتخاذ خطوات وقائية أو تعديلات في نمط الحياة قد تساهم في التخفيف من حدة المشكلة.
إن التفاعل بين الاستعداد الوراثي والبيولوجي للمرأة وبين عوامل نمط الحياة والسلوكيات اليومية تؤدي دوراً في تجربتها مع آلام الدورة الشهرية. فبعض هذه العوامل كالتاريخ العائلي أو سن البلوغ المبكر هي أمور ثابتة لا يمكن تغييرها، بينما توجد عوامل أخرى مرتبطة بنمط الحياة ويمكن التحكم فيها أو تعديلها.
وتوجد مجموعة من العوامل التي رُبطت بزيادة احتمالية المعاناة من آلام الدورة الشهرية الشديدة ومن هذه العوامل:
- بدء الحيض في سن مبكرة (قبل عمر 11 أو 12 عاماً).
- طول أو غزارة تدفق الحيض بشكل عام (غزارة الطمث).
- التدخين المنتظم.
- زيادة الوزن المفرطة (السمنة) أو النحافة الشديدة (مؤشر كتلة جسم منخفض).
- عدم الحمل والإنجاب مُسبقاً (Nulliparity).
- وجود قريبات من الدرجة الأولى (كالأم أو الأخت) يعانين من آلام دورة شديدة (تاريخ عائلي).
- التعرض لمستويات عالية من التوتر والقلق أو المعاناة من الاكتئاب.
- استهلاك المشروبات الكحولية وخاصة خلال فترة الدورة الشهرية.
- العمر حيث تكون الشابات (أقل من 30 عاماً) أكثر عرضة لعسر الطمث الأولي.
يمكن لبعض هذه العوامل كالتدخين أن يزيد من مستويات الالتهاب في الجسم أو يؤثر على تدفق الدم إلى الرحم مما يزيد ويفاقم الألم. كما أن السمنة تؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث اختلالات هرمونية كزيادة مستويات هرمون الإستروجين، والتي بدورها تزيد من غزارة الطمث أو تؤثر على الحالات المرضية المسببة للألم مثل الأورام الليفية.
كما أن التوتر والقلق يمكن أن يزيدا من إدراك الشخص للألم ويؤثرا على مستويات الهرمونات التي تنظم الدورة الشهرية. لذلك فإن التحكم في العوامل القابلة للتعديل مثل الإقلاع عن التدخين والحفاظ على وزن صحي وإدارة التوتر، من شأنه أن يساهم بشكل إيجابي في تخفيف حدة المشكلة أو الوقاية منها.
متى يجب عليكِ استشارة الطبيب بشأن آلام الدورة الشهرية الشديدة؟
القاعدة الذهبية التي يجب على كل امرأة تذكرها هي أن الألم الشديد الذي يعيق قدرتها على ممارسة أنشطتها اليومية المعتادة ليس أمراً "طبيعياً" يجب التعايش معه بصمت بل هو حالة تستدعي تقييماً طبياً متخصصاً. فالعديد من النساء يتحملن الألم لسنوات لأنهن يعتقدن أنه جزء لا مفر منه من كونهن نساء ولكن هذا الاعتقاد يؤخر تشخيص وعلاج حالات كامنة تكون هي سبب آلام الدورة الشهرية الشديدة.
من المهم جداً الانتباه إلى "عتبة" معينة من شدة الألم أو الأعراض المصاحبة التي يجب أن تدفعكِ للبحث عن سبب، وليس مجرد التعامل مع الألم بالمسكنات. لا تترددي في حجز موعد مع طبيبكِ إذا واجهتِ أياً من العلامات أو الأعراض التالية فهي من الممكن أن تشير إلى أن أسباب آلام الدورة الشهرية لديكِ تحتاج إلى تشخيص وعلاج:
- ألم يعصف بحياتكِ اليومية ولا تخففه المسكنات المتاحة دون وصفة طبية.
- تدهور تدريجي في شدة الألم مع كل دورة جديدة أو تغير مفاجئ في نمط الألم المعتاد.
- ظهور مفاجئ لآلام دورة شديدة لأول مرة بعد تجاوزكِ سن الخامسة والعشرين.
- نزيف حيض غزير جداً يستلزم تغيير الفوط الصحية كل ساعة أو ساعتين لعدة ساعات متتالية، أو الحاجة لاستخدام حماية مزدوجة أو الاستيقاظ ليلاً لتغيير الفوط.
- وجود كتل دموية كبيرة (أكبر من حجم عملة معدنية بربع دولار أو ما يعادلها) في دم الحيض.
- استمرار نزيف الدورة الشهرية لأكثر من سبعة أيام.
- الشعور بألم في منطقة الحوض حتى في غير أوقات الدورة الشهرية، أو ألم يستمر بعد انتهاء الدورة.
- ألم مصحوب بارتفاع في درجة الحرارة (حمى) أو قشعريرة أو إفرازات مهبلية ذات لون أو رائحة غريبة.
- ألم مستمر أثناء أو بعد ممارسة العلاقة الزوجية.
- أعراض عامة مقلقة كالإرهاق الشديد المستمر أو الدوخة المتكررة أو شحوب الجلد أو فقدان الوزن غير المبرر.
إن التشديد على "التغيير" في نمط الألم أو ظهور أعراض "جديدة" هو أمر بالغ الأهمية لأنه يشير إلى تطور حالة ثانوية تتطلب تدخلاً علاجياً. تذكري أن التشخيص المبكر لأي من أسباب آلام الدورة الشهرية الشديدة هو مفتاح العلاج الفعال وتجنب المضاعفات المحتملة. لا تخجلي أو تترددي في مناقشة هذه الأعراض بكل صراحة مع طبيبكِ فصحتكِ هي الأولوية.
كيف يتم تشخيص اسباب الام الدورة الشهرية الشديدة؟
إن الوصول إلى السبب الحقيقي الكامن وراء آلام الدورة الشهرية الشديدة يتطلب نهجاً تشخيصياً منظماً ومتكاملاً. يبدأ هذا النهج عادةً بأخذ تاريخ مرضي مفصل وإجراء فحص سريري دقيق وقد يستلزم الأمر اللجوء إلى فحوصات تصويرية ومخبرية إضافية لتأكيد التشخيص أو استبعاد حالات معينة.
التاريخ الطبي والفحص السريري
تُعد هذه الخطوة الأولية حجر الزاوية في عملية التشخيص، فغالباً ما يوفر التاريخ المرضي الدقيق الذي تأخذه الطبيبة من المريضة نسبة كبيرة من المعلومات اللازمة للوصول إلى تشخيص محتمل أو لتوجيه الفحوصات اللاحقة. خلال هذه المرحلة سيقوم الطبيب بطرح أسئلة مفصلة حول دورتكِ الشهرية مثل انتظامها وغزارة التدفق ومدتها.
كما سيسأل عن طبيعة الألم نفسه: متى يبدأ؟ وأين موقعه؟ وما شدته؟ وكيف تصفينه (تشنجي أم نابض أم حارق)؟ وما هي العوامل التي تزيده أو تخففه؟ وهل هناك أعراض أخرى مصاحبة كالغثيان أو الإسهال أو الصداع؟
سيشمل التاريخ الطبي أيضاً أسئلة حول تاريخكِ الجنسي والإنجابي وأي حالات مرضية نسائية في عائلتكِ والأدوية التي تتناولينها حالياً وأي عمليات جراحية سابقة في منطقة الحوض أو البطن. بعد ذلك يتم إجراء فحص بدني عام لتقييم حالتكِ الصحية العامة يليه فحص حوضي.
يهدف الفحص الحوضي إلى تقييم حالة الرحم والمبيضين وعنق الرحم والبحث عن أي كتل غير طبيعية أو مناطق مؤلمة عند اللمس أو علامات التهاب أو عدوى. هذه الخطوات الأولية ليست شكلية بل هي أساسية لتكوين صورة واضحة عن حالتكِ وتوجيه الخطة التشخيصية.
الفحوصات التصويرية والمخبرية
بناءً على المعلومات التي تم جمعها من التاريخ المرضي والفحص السريري قد يقرر الطبيب أن هناك حاجة لإجراء بعض الفحوصات الإضافية لتحديد مسببات آلام الدورة الشهرية بدقة أكبر. يتبع الأطباء عادةً نهجاً متدرجاً في التشخيص يبدأ بالفحوصات غير التوغلية أو قليلة التوغل وينتقلون إلى الفحوصات الأكثر توغلاً فقط عند الضرورة.
تتضمن الفحوصات التي قد يطلبها الطبيب لتحديد اسباب الام الدورة الشهرية الشديدة بدقة ما يلي:
- فحص الحوض بالموجات فوق الصوتية (السونار).
- إجراء بعض تحاليل الدم الهامة.
- التصوير بالرنين المغناطيسي لمنطقة الحوض (MRI).
- إجراء تنظير البطن التشخيصي أو العلاجي (Laparoscopy).
- إجراء تنظير الرحم لفحص تجويفه (Hysteroscopy).
- أخذ خزعة من بطانة الرحم عند اللزوم (Endometrial biopsy).
يُعتبر فحص الموجات فوق الصوتية (السونار) للحوض والذي يتم عبر البطن أو بشكل أدق عبر المهبل من الفحوصات الشائعة والآمنة. فهو يساعد في رؤية حجم وشكل الرحم والمبيضين والكشف عن وجود أورام ليفية أو أكياس على المبيض أو سماكة غير طبيعية في بطانة الرحم أو بعض علامات العضال الغدي أو مرض التهاب الحوض.
أما تحاليل الدم فيمكنها أن تكشف عن وجود علامات التهاب أو عدوى في الجسم أو التحقق من وجود فقر دم ناتج عن النزيف الغزير وأحياناً يتم فحص مستويات بعض الهرمونات أو إجراء اختبار حمل لاستبعاد أي مضاعفات متعلقة به.
في حال كانت نتائج السونار غير حاسمة أو كان هناك شك قوي في وجود حالات كالانتباذ البطاني الرحمي العميق أو العضال الغدي قد يُطلب إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للحوض والذي يوفر صوراً أكثر تفصيلاً للأعضاء والأنسجة. كما أن تنظير البطن الذي يعتبر إجراء جراحي بسيط يتم تحت التخدير هو الطريقة الأدق لتشخيص وتأكيد وجود الانتباذ البطاني الرحمي أو الالتصاقات الحوضية، كما يمكن من خلاله أخذ خزعات أو حتى إجراء بعض التدخلات العلاجية في نفس الوقت.
أما تنظير الرحم فيسمح برؤية تجويف الرحم من الداخل مباشرة ويستخدم لتشخيص وعلاج الزوائد اللحمية أو الأورام الليفية الصغيرة داخل التجويف أو التشوهات الرحمية.
إن رحلة التشخيص الدقيق هي عملية تعاونية بينكِ وبين طبيبكِ، وفهم طبيعة هذه الفحوصات ودور كل منها من شأنه أن يقلل من قلقكِ ويزيد من ثقتكِ في الخطة التشخيصية الموضوعة لكِ.
الخاتمة
إن المعاناة من آلام الدورة الشهرية الشديدة ليست قدراً محتوماً يجب على المرأة قبوله والتعايش معه بصمت، فكما استعرضنا فإن أسباب آلام الدورة الشهرية الشديدة متعددة بدءاً من الاختلالات الوظيفية ووصولاً إلى حالات مرضية كامنة تتطلب اهتماماً طبياً متخصصاً. والرسالة الأهم هي أن العلم الحديث يوفر سبلاً فعالة لتشخيص هذه الأسباب وعلاج الكثير منها مما يمنح المرأة فرصة لاستعادة جودة حياتها والتمتع بصحة أفضل. لذلك ندعوكِ إلى عدم الاستسلام للألم بل السعي الحثيث نحو فهم جسدكِ والاستماع إلى إشاراته والمطالبة بالرعاية الصحية التي تستحقينها، فصحتكِ هي أساس صحة مجتمعكِ ورفاهيته.
إخلاء مسؤولية
يهدف هذا المقال إلى تقديم معلومات عامة وتثقيفية حول أسباب آلام الدورة الشهرية ولا يعتبر بأي حال من الأحوال بديلاً عن الاستشارة الطبية المتخصصة أو التشخيص أو العلاج. المعلومات الواردة هنا لا ينبغي استخدامها لتشخيص أو علاج أي حالة صحية دون الرجوع إلى طبيب مؤهل. نوصي دائماً بمناقشة أي أعراض أو مخاوف صحية مع طبيبكِ الخاص للحصول على التقييم والرعاية المناسبين.
الأسئلة الشائعة عن أسباب ألم الدورة الشهرية الشديد
نجيب فيما يلي عن بعض الأسئلة الأكثر شيوعاً التي قد تتبادر إلى ذهنكِ حول أسباب ألم الدورة الشهرية الشديد ومسبباتها:
هل من الطبيعي أن تكون آلام الدورة الشهرية شديدة لدرجة تمنعني من ممارسة حياتي؟
ليس من الطبيعي أن تعيق آلام الدورة الشهرية حياتكِ اليومية بشكل منتظم، ففي حين أن بعض الانزعاج يعتبر شائعاً إلا أن الألم الشديد الذي يمنعكِ من الذهاب للعمل أو الدراسة أو القيام بمهامكِ المعتادة هو علامة على عسر طمث شديد أو وجود حالة كامنة مثل الانتباذ البطاني الرحمي أو الأورام الليفية ويستدعي الأمر استشارة الطبيب.
ما الفرق الرئيسي بين عسر الطمث الأولي والثانوي كمسبب لآلام الدورة الشديدة؟
عسر الطمث الأولي هو ألم الدورة الذي يحدث بدون سبب مرضي واضح ويبدأ عادةً بعد فترة قصيرة من بدء الحيض وينتج عن زيادة البروستاجلاندينات. أما عسر الطمث الثانوي فيكون سبب آلام الدورة الشهرية الشديدة فيه وجود مشكلة صحية في الحوض مثل الانتباذ البطاني الرحمي أو الأورام الليفية، وقد يبدأ في أي عمر.
هل يمكن أن تكون الأورام الليفية سبباً في آلام الدورة الشهرية الشديدة حتى لو كانت صغيرة؟
نعم يمكن لبعض الأورام الليفية أن تسبب آلاماً شديدة حتى لو كانت صغيرة وبخاصة إذا كان موقعها مؤثراً مثل الأورام الليفية تحت بطانة الرحم التي يمكن أن تسبب نزيفاً غزيراً وتقلصات مؤلمة. ولكن ليست كل الأورام الليفية تسبب أعراضاً ويعتمد الأمر على حجمها وموقعها وعددها.
كيف أعرف إذا كانت آلام الدورة الشديدة لدي بسبب الانتباذ البطاني الرحمي؟
لا يمكن تأكيد تشخيص الانتباذ البطاني الرحمي إلا من خلال الطبيب، وغالباً ما يتطلب الأمر تنظير البطن. ولكن من الأعراض التي تشير إليه إضافةً إلى الام الدورة الشهرية الشديدة هي الألم المزمن في الحوض والألم أثناء أو بعد الجماع (للمتزوجة) والألم عند التبرز أو التبول (خاصة وقت الدورة) وصعوبة الحمل.
هل استخدام اللولب النحاسي يزيد من آلام الدورة الشهرية؟
نعم يعتبر اللولب الرحمي النحاسي من أبرز أسباب آلام الدورة الشهرية الشديدة والنزيف الغزير لدى بعض النساء خاصة في الأشهر القليلة الأولى بعد تركيبه، ويحدث هذا بسبب رد فعل موضعي لبطانة الرحم تجاه النحاس. إذا استمر الألم أو كان شديداً جداً فيجب مراجعة الطبيب.
متى تصبح آلام الدورة الشهرية الشديدة علامة خطيرة تستدعي القلق؟
يجب القلق ومراجعة الطبيب فوراً إذا كان الألم شديداً جداً ولا يستجيب للمسكنات أو يزداد سوءاً بشكل ملحوظ أو إذا ظهر فجأة بعد سن 25 أو ترافق مع نزيف غزير جداً أو حمى أو إفرازات كريهة الرائحة أو ألم بين الدورات. غالباً ما تكون هذه من العلامات الدالة على أسباب آلام الدورة الشهرية التي تحتاج تدخلاً عاجلاً.
هل هناك علاجات فعالة لأغلب أسباب آلام الدورة الشهرية؟
نعم بفضل التقدم الطبي تتوفر علاجات فعالة لمعظم أسباب آلام الدورة الشهرية الشديدة، حيث يعتمد العلاج على السبب الكامن وقد يشمل الأدوية أو العلاج الهرموني أو تغييرات نمط الحياة، أو في بعض الحالات التدخل الجراحي. التشخيص الدقيق هو الخطوة الأولى نحو العلاج الناجح.
قائمة المراجع:
Mayo Clinic. (2022, April 30). Menstrual cramps (dysmenorrhea) - Symptoms and causes. Mayo Clinic. Retrieved May 20, 2025, from https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/menstrual-cramps/symptoms-causes/syc-20374938
World Health Organization. (2023, March 24). Endometriosis. WHO. Retrieved May 20, 2025, from https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/endometriosis
Johns Hopkins Medicine. (n.d.). Dysmenorrhea. Johns Hopkins Medicine. Retrieved May 20, 2025, from https://www.hopkinsmedicine.org/health/conditions-and-diseases/dysmenorrhea
National Institute of Child Health and Human Development. (2017, January 31). What are the causes of menstrual irregularities? NIH. Retrieved May 20, 2025, from https://www.nichd.nih.gov/health/topics/menstruation/conditioninfo/causes
American College of Obstetricians and Gynecologists. (2020, April). Chronic Pelvic Pain. ACOG Practice Bulletin No. 218. Obstetrics & Gynecology, 135(3), e98-e109. (Reaffirmed 2022).
Barcikowska, Z., Rajkowska-Labon, E., Grzybowska, M. E., Hansdorfer-Korzon, R., & Zorena, K. (2020). Inflammatory Markers in Dysmenorrhea and Therapeutic Options. International Journal of Environmental Research and Public Health, 17(4), 1191. (Illustrative of academic journal research, specific article may vary based on exact focus).
Cleveland Clinic. (2022, November 15). Adenomyosis. Cleveland Clinic. Retrieved May 20, 2025, from https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/14167-adenomyosis