مرض السكري - الأنواع والأعراض والعلاج وطرق الوقاية | دليلك الشامل

مرض السكري هو حالة صحية مزمنة شائعة تؤثر على طريقة استخدام جسمك للسكر للحصول على الطاقة ويتزايد انتشاره عالمياً خصوصاً في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط مما يجعله تحديا صحيا كبيرا.

مرض السكري - الأنواع والأعراض والعلاج وطرق الوقاية | دليلك الشامل
مرض السكري - الأنواع والأعراض والعلاج وطرق الوقاية | دليلك الشامل

نسعى في هذا المقال إلى تزويدك بمعلومات واضحة وموثوقة حول مرض السكري، حيث سنستعرض أنواعه المختلفة وأعراضه وأسبابه وكيفية تشخيصه ومضاعفاته المحتملة، وطرق إدارته والوقاية منه بأسلوب سهل ومفهوم. تذكر دائماً أن الفهم هو الخطوة الأولى نحو التحكم في الحالة أو الوقاية منها.

ما هو مرض السكري؟

ما هو مرض السكري؟

مرض السكري هو حالة مزمنة تتعلق بعملية الأيض في الجسم وتتميز بارتفاع مستويات السكر (الجلوكوز) في الدم بشكل مستمر. يحدث هذا الارتفاع إما لأن البنكرياس لا ينتج كمية كافية من هرمون الأنسولين أو لأن خلايا الجسم لا تستجيب بفعالية للأنسولين الذي يتم إنتاجه.

مع مرور الوقت يمكن أن يتسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم (فرط سكر الدم) بأضرار جسيمة لأعضاء وأنظمة الجسم المختلفة. وتشمل هذه الأضرار القلب والأوعية الدموية والعينين والكلى، والأعصاب. فهم هذه المخاطر يوضح أهمية التحكم في مستويات السكر.

دور الأنسولين والجلوكوز في الجسم

الجلوكوز هو ببساطة نوع من السكر يمثل مصدر الطاقة الرئيسي لخلايا الجسم، ونحصل عليه بشكل أساسي من الطعام الذي نتناوله. يقوم الكبد أيضا بإنتاج وتخزين الجلوكوز لإمداد الجسم بالطاقة عند الحاجة مثلا بين الوجبات.

الأنسولين هو هرمون حيوي ينتجه البنكرياس وهو غدة تقع خلف المعدة. يمكن تشبيه الأنسولين بالمفتاح الذي يفتح أبواب الخلايا للسماح بدخول الجلوكوز إليها، حيث يتم استخدامه كوقود لإنتاج الطاقة.

في الحالة الطبيعية عندما تتناول الطعام يرتفع مستوى الجلوكوز في الدم. يستجيب البنكرياس بإفراز الأنسولين الذي يساعد الجلوكوز على الدخول إلى الخلايا. نتيجة لذلك ينخفض مستوى السكر في الدم فيقوم البنكرياس بتقليل إفراز الأنسولين للحفاظ على التوازن. هذه العملية تضمن حصول الخلايا على الطاقة اللازمة مع الحفاظ على مستويات السكر ضمن المعدل الطبيعي.

ماذا يحدث في الجسم عند الإصابة بالسكري؟

عند الإصابة بمرض السكري يحدث خلل في نظام "المفتاح والقفل" الخاص بالأنسولين والجلوكوز. فإما أن البنكرياس لا ينتج كمية كافية من المفاتيح (الأنسولين) كما في النوع الأول من السكري، أو أن الأقفال (خلايا الجسم) لا تستجيب جيدا للمفتاح المتاح (وهو ما يعرف بمقاومة الأنسولين في النوع الثاني)، أو قد يكون هناك نقص في عدد المفاتيح المنتجة (نقص نسبي في الأنسولين في النوع الثاني).

نتيجة لهذا الخلل لا يستطيع الجلوكوز دخول الخلايا بسهولة، فيبدأ بالتراكم في مجرى الدم مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم (فرط سكر الدم). والمفارقة هنا أن خلايا الجسم تعاني من نقص الطاقة رغم وجود كميات كبيرة من الجلوكوز في الدم؛ لأنها لا تستطيع الوصول إليه واستخدامه بفعالية. هذا يفسر بعض الأعراض مثل الشعور بالتعب والجوع المستمر لدى مرضى السكري.

إن فهم هذه الآلية الأساسية يساعد على استيعاب الاختلافات بين أنواع السكري المختلفة وطرق إدارتها التي سنناقشها لاحقا.

أنواع مرض السكري الرئيسية

يوجد عدة أنواع رئيسية لمرض السكري ورغم أن جميعها تتسم بارتفاع مستوى السكر في الدم إلا أنها تختلف في أسبابها وطرق علاجها. الأنواع الأكثر شيوعا هي السكري من النوع الأول والسكري من النوع الثاني وسكري الحمل.

السكري من النوع الأول

السكري من النوع الأول هو مرض مناعي ذاتي حيث يقوم جهاز المناعة في الجسم بمهاجمة وتدمير خلايا بيتا في البنكرياس وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج الأنسولين. هذا الهجوم يؤدي إلى نقص حاد أو انعدام تام في إنتاج الأنسولين.

كان يُعرف سابقا بـ سكري الأطفال أو السكري المعتمد على الأنسولين لكنه يمكن أن يظهر في أي عمر وإن كان تشخيصه أكثر شيوعاً لدى الأطفال والشباب. السبب الدقيق لحدوث هذا الهجوم المناعي غير معروف تماما لكن يُعتقد أنه ينتج عن تفاعل بين عوامل وراثية وبيئية مثل بعض الفيروسات.

النقاط التالية تلخص أهم خصائص السكري من النوع الأول:

  • تدمير مناعي ذاتي لخلايا بيتا
  • نقص حاد أو انعدام تام للأنسولين
  • يظهر غالبا في الصغر أو الشباب
  • يتطلب علاجا بالأنسولين يوميا مدى الحياة
  • لا يمكن الوقاية منه حاليا
  • أقل شيوعا من النوع الثاني

يعتمد المصابون بالسكري من النوع الأول بشكل كامل على حقن الأنسولين للبقاء على قيد الحياة حيث لا يستطيع الجسم إنتاجه. غالبا ما تظهر الأعراض بسرعة خلال أيام أو أسابيع قليلة.

تركز إدارة السكري من النوع الأول على العلاج بالأنسولين ومراقبة مستويات السكر في الدم بانتظام، بالإضافة إلى اتباع نمط حياة صحي يشمل نظاما غذائيا متوازنا ونشاطا بدنيا.

من المهم التأكيد على أن هذا النوع ناتج عن خلل في جهاز المناعة وليس له علاقة مباشرة بنمط الحياة كالسمنة أو قلة الحركة، وهذا يختلف جوهريا عن النوع الثاني.

السكري من النوع الثاني

السكري من النوع الثاني هو النوع الأكثر انتشارا عالميا، ويحدث عندما لا يستخدم الجسم الأنسولين بشكل فعال، وهي حالة تُعرف بمقاومة الأنسولين أو عندما يفقد البنكرياس قدرته تدريجيا على إنتاج كمية كافية من الأنسولين لتلبية احتياجات الجسم.

في المراحل الأولى يحاول البنكرياس التعويض عن مقاومة الأنسولين بإنتاج كميات أكبر منه، ولكن مع مرور الوقت تتعب خلايا البنكرياس وتصبح غير قادرة على مواكبة الطلب المتزايد. يرتبط هذا النوع بقوة بعوامل عدة منها زيادة الوزن وقلة النشاط البدني والوراثة وغالبا ما يتطور ببطء على مدى سنوات.

يتميز السكري من النوع الثاني بالخصائص التالية:

  • الأكثر شيوعا عالميا (أكثر من 95% من الحالات)
  • مقاومة الأنسولين و/أو نقص نسبي في إنتاجه
  • يظهر غالبا لدى البالغين (لكن يتزايد لدى الشباب والأطفال)
  • ارتباط قوي بالوزن الزائد وقلة النشاط والوراثة
  • يمكن الوقاية منه أو تأخير ظهوره
  • قد لا يتطلب الأنسولين في البداية (لكن قد يحتاجه لاحقا)

شهد انتشار السكري من النوع الثاني ارتفاعا كبيرا في العقود الأخيرة حول العالم خاصة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. غالبا ما تكون أعراضه أقل حدة وتظهر بشكل أبطأ مقارنة بالنوع الأول وقد لا يلاحظها المصاب لسنوات.

تعتمد إدارة السكري من النوع الثاني بشكل كبير على تغييرات نمط الحياة، مثل اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام وفقدان الوزن الزائد. غالبا ما يتم اللجوء إلى الأدوية الفموية للمساعدة في التحكم بمستويات السكر، وقد يحتاج بعض المرضى إلى العلاج بالأنسولين في مراحل لاحقة من المرض. حقيقة أن هذا النوع يمكن الوقاية منه أو تأخيره تؤكد على أهمية تبني نمط حياة صحي.

سكري الحمل

سكري الحمل هو نوع من السكري يتم تشخيصه لأول مرة خلال فترة الحمل لدى نساء لم يكنّ مصابات بالسكري من قبل. يحدث هذا النوع بسبب التغيرات الهرمونية الطبيعية في الحمل والتي يمكن أن تزيد من مقاومة الجسم لتأثير الأنسولين.

يؤثر سكري الحمل على نسبة كبيرة من الحوامل (تتراوح التقديرات بين 4% إلى 9% أو أكثر في بعض المجموعات). عادةً ما يتم إجراء فحص الكشف عنه بين الأسبوعين 24 و 28 من الحمل. في كثير من الأحيان لا تظهر أي أعراض واضحة على الأم مما يجعل الفحص الروتيني ضروريًا للتشخيص.

من المهم معرفة الخصائص التالية لسكر الحمل:

  • يُشخَّص لأول مرة أثناء الحمل
  • يحدث بسبب مقاومة الأنسولين المرتبطة بهرمونات الحمل
  • يزول عادةً بعد الولادة مباشرة
  • يزيد خطر إصابة الأم بالنوع الثاني لاحقا (حوالي 50% خطر)
  • يزيد خطر مضاعفات للأم والجنين إذا لم يُتحكم به
  • تتم إدارته بالنظام الغذائي والرياضة وأحيانًا الأدوية

المتابعة الدقيقة وإدارة سكري الحمل مهمة جداً لصحة الأم والجنين خلال فترة الحمل والولادة. وبعد الولادة غالباً ما تعود مستويات السكر في الدم إلى طبيعتها. ولكن الإصابة بسكري الحمل تعتبر مؤشرا قويا على زيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني في المستقبل. ولهذا السبب من الضروري جدا إجراء فحوصات متابعة للأم بعد الولادة للتأكد من مستويات السكر لديها ومناقشة طرق تقليل خطر الإصابة بالسكري مستقبلًا.

أنواع أخرى أقل شيوعا

توجد أشكال أخرى - إلى جانب الأنواع الرئيسية الثلاثة السابقة - أقل شيوعا من مرض السكري، منها "السكري أحادي المنشأ" (Monogenic Diabetes) وهو ناتج عن طفرة في جين واحد يؤثر على وظيفة البنكرياس وإنتاج الأنسولين. غالبا ما يكون وراثيا ويتم تشخيصه في سن مبكرة مثل سكري حديثي الولادة أو سكري الشبان الناضجين (MODY). يمثل هذا النوع نسبة صغيرة فقط من مجمل حالات السكري (حوالي 1-4%).

هناك أيضا ما يسمى "السكري المناعي الذاتي الكامن لدى البالغين" (LADA) أو "السكري من النوع 1.5". يشبه هذا النوع السكري من النوع الأول من حيث كونه مرضا مناعيا ذاتيا لكنه يتطور بشكل أبطأ لدى البالغين، وقد يُشخص خطأً في البداية على أنه سكري من النوع الثاني. المصابون بهذا النوع قد لا يحتاجون للأنسولين فورا لكن غالبا ما يصبح ضروريا مع مرور الوقت.

يمكن أن ينجم السكري أيضا عن أمراض أخرى تؤثر على البنكرياس مثل التليف الكيسي أو التهاب البنكرياس أو سرطان البنكرياس، أو بسبب اضطرابات هرمونية معينة، أو كأثر جانبي لبعض الأدوية مثل الستيرويدات. تحديد النوع الصحيح للسكري مهم لأن خطط العلاج والمتابعة قد تختلف.

رغم أن تركيزنا ينصب على الأنواع الأكثر شيوعا فإن معرفة وجود هذه الأنواع الأخرى يساعد على فهم الصورة الكاملة لمرض السكري.

أعراض مرض السكري الشائعة

الأعراض هي الطريقة التي يخبرك بها جسمك بأن مستويات السكر في دمك قد تكون مرتفعة بشكل غير طبيعي. تختلف هذه الأعراض باختلاف نوع السكري وشدته ومن شخص لآخر. في بعض الحالات خاصةً مع السكري من النوع الثاني أو سكري الحمل قد تكون الأعراض خفيفة جدا أو غير موجودة في المراحل الأولى.

الأعراض العامة للسكري

تحدث العديد من الأعراض الشائعة لأن الجسم يحاول التخلص من السكر الزائد عن طريق البول، مما يؤدي إلى فقدان السوائل والجفاف. كما أن عدم قدرة الخلايا على استخدام الجلوكوز للطاقة يساهم في الشعور بالتعب والإرهاق.

إذا كنت تعاني من عدة أعراض من القائمة التالية فمن المهم استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة.

الأعراض العامة التي تدل على الإصابة بالسكري هي كالتالي:

  • زيادة الشعور بالعطش
  • كثرة التبول
  • الشعور بالجوع الشديد
  • فقدان الوزن غير المبرر
  • التعب والإرهاق المستمر
  • تشوش الرؤية
  • بطء التئام الجروح والقروح
  • تكرار الإصابة بالعدوى
  • الوخز أو التنميل في اليدين/القدمين
  • جفاف الفم وحكة الجلد

من المهم أن تتذكر أن وجود عرض واحد أو أكثر لا يعني بالضرورة إصابتك بالسكري ولكن يجب دائما مراجعة الطبيب للتأكد. قد تكون بعض الأعراض مثل التعب أو تشوش الرؤية خفيفة في البداية ويتم تجاهلها بسهولة أو نسبتها لأسباب أخرى.

أعراض خاصة بالنوع الأول

في السكري من النوع الأول غالبا ما تظهر الأعراض بشكل مفاجئ وسريع خلال أيام أو أسابيع قليلة خاصة لدى الأطفال والشباب. فقدان الوزن غير المبرر يكون شائعا جدا في هذا النوع نتيجة لعدم قدرة الجسم على استخدام الجلوكوز للطاقة والبدء في تكسير الدهون والعضلات.

في بعض الحالات تكون أولى علامات الإصابة بالسكري من النوع الأول هي حالة طبية طارئة تسمى "الحماض الكيتوني السكري" (DKA). تحدث هذه الحالة بسبب النقص الشديد في الأنسولين مما يؤدي إلى تراكم أحماض ضارة تسمى الكيتونات في الدم. تشمل أعراضها الغثيان والقيء وآلام البطن ورائحة نفس تشبه الفاكهة وتنفس سريع وعميق وارتباك، وقد تصل إلى فقدان الوعي أو الغيبوبة. تتطلب هذه الحالة عناية طبية فورية لأنها تشكل خطرا على الحياة.

أعراض خاصة بالنوع الثاني

على عكس النوع الأول تتطور أعراض السكري من النوع الثاني عادةً ببطء شديد على مدى سنوات. لهذا السبب قد لا يلاحظ الكثير من المصابين أي أعراض على الإطلاق في المراحل المبكرة، أو قد تكون الأعراض خفيفة جدا بحيث لا تثير القلق. غالبا ما يتم اكتشاف المرض بالصدفة أثناء فحص دم روتيني أو عند ظهور إحدى مضاعفات المرض.

تشمل الأعراض التي قد تظهر لاحقا أو تشير إلى تطور المضاعفات: الشعور بالوخز أو التنميل أو الألم في اليدين والقدمين (اعتلال الأعصاب) وبطء التئام الجروح والقروح (بسبب ضعف الدورة الدموية وتلف الأعصاب) وتكرار الإصابة بالعدوى (خاصة الجلدية والفطرية والبولية) ومشاكل في الرؤية (نتيجة اعتلال الشبكية) وظهور بقع داكنة على الجلد خاصة في ثنايا الرقبة والإبطين (علامة تدل على مقاومة الأنسولين).

إن الطبيعة "الصامتة" للنوع الثاني في بداياته تجعل الفحص الدوري للأشخاص المعرضين للخطر أمرا ضروريا للكشف المبكر.

أعراض سكري الحمل

كما ذكرنا سابقا غالبا لا يسبب سكري الحمل أي أعراض ملحوظة. ولهذا السبب يعتمد التشخيص بشكل أساسي على الفحص الروتيني الذي يتم إجراؤه لجميع النساء الحوامل.

إذا ظهرت أعراض فقد تكون خفيفة وتشبه أعراض الحمل الطبيعية مثل زيادة طفيفة في العطش أو الحاجة للتبول بشكل متكرر أكثر من المعتاد. الاعتماد على الأعراض وحدها لتشخيص سكري الحمل غير كافي على الإطلاق مما يؤكد أهمية إجراء الفحص لجميع الحوامل في الوقت الموصى به.

لا تتجاهل أي أعراض محتملة خاصة إذا كان لديك عوامل خطر للإصابة بالسكري. استشر طبيبك دائما للحصول على تقييم دقيق وفحوصات لازمة.

أسباب وعوامل خطر الإصابة بالسكري

يساعدنا فهم أسباب وعوامل خطر الإصابة بالسكري على تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للمرض واتخاذ خطوات وقائية (خاصة للنوع الثاني وسكري الحمل) وتحسين إدارة الحالة للمصابين. تختلف الأسباب وعوامل الخطر بشكل كبير بين أنواع السكري المختلفة.

عوامل خطر السكري من النوع الأول

السبب الدقيق للسكري من النوع الأول لا يزال غير مفهوم تماما لكن من المعروف أنه مرض مناعي ذاتي يقوم فيه الجسم بمهاجمة خلاياه المنتجة للأنسولين. يُعتقد أن هناك عوامل تلعب دورا في تحفيز هذا الهجوم المناعي، وتشمل:

  • الاستعداد الوراثي: وجود جينات معينة يزيد من احتمالية الإصابة ووجود تاريخ عائلي للمرض يرفع الخطر قليلاً لكن معظم المصابين بالنوع الأول ليس لديهم تاريخ عائلي للمرض.
  • العوامل البيئية: يُعتقد أن التعرض لبعض الفيروسات أو عوامل بيئية أخرى يلعب دوراً في تحفيز جهاز المناعة لمهاجمة خلايا البنكرياس لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي.

من المهم جدا التأكيد مرة أخرى على أن السكري من النوع الأول ليس له علاقة بالوزن أو النظام الغذائي أو نمط الحياة. ولا يمكن الوقاية منه حاليا بالطرق المعروفة.

عوامل خطر السكري من النوع الثاني

ينتج السكري من النوع الثاني عادةً عن مزيج من العوامل الوراثية وعوامل تتعلق بنمط الحياة والبيئة. بعض هذه العوامل لا يمكن تغييرها (مثل الوراثة والعمر والعرق) لكن العديد منها يمكن التحكم به وتعديله لتقليل الخطر.

تشمل عوامل الخطر الرئيسية للسكري من النوع الثاني ما يلي مع ملاحظة أن وجود عامل واحد أو أكثر لا يعني حتمية الإصابة ولكنه يزيد من الاحتمالية.

أهم العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني هي:

  • زيادة الوزن أو السمنة (خاصة دهون البطن)
  • قلة النشاط البدني
  • وجود تاريخ عائلي للمرض (الوراثة)
  • العمر (الخطر يزداد فوق 35 أو 45 عاما)
  • الأصول العرقية (مجموعات معينة أكثر عرضة)
  • الإصابة بمقدمات السكري
  • الإصابة بسكري الحمل سابقا أو ولادة طفل بوزن كبير
  • ارتفاع ضغط الدم
  • ارتفاع مستويات الكوليسترول أو الدهون الثلاثية
  • متلازمة تكيس المبايض (PCOS)
  • التدخين

غالبا ما تترافق عوامل الخطر هذه معا (مثل السمنة وقلة الحركة وارتفاع ضغط الدم والدهون)، وتشكل ما يعرف بـ "متلازمة الأيض"، مما يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب. التركيز يجب أن يكون على العوامل القابلة للتعديل مثل الوزن والنظام الغذائي والنشاط البدني.

تعتبر مرحلة "مقدمات السكري" (Prediabetes) مرحلة تحذيرية هامة جدا. في هذه المرحلة تكون مستويات السكر أعلى من الطبيعي ولكن ليس بما يكفي لتشخيص السكري. إن اتخاذ إجراءات لتغيير نمط الحياة في هذه المرحلة يمكن أن يمنع أو يؤخر بشكل كبير تطور الحالة إلى سكري من النوع الثاني.

عوامل خطر سكري الحمل

تزيد بعض العوامل من احتمالية أن تصاب المرأة بمقاومة الأنسولين أثناء الحمل بشكل لا يستطيع جسمها التغلب عليه مما يؤدي إلى سكري الحمل. وتزداد احتمالية الإصابة بسكري الحمل عند وجود العوامل التالية:

  • زيادة الوزن أو السمنة قبل الحمل
  • وجود تاريخ عائلي لمرض السكري
  • الإصابة بسكري الحمل في حمل سابق
  • ولادة طفل بوزن كبير سابقا (> 4 كجم)
  • العمر (الخطر يزداد مع تقدم عمر الأم)
  • متلازمة تكيس المبايض (PCOS)
  • الأصول العرقية (نفس المجموعات المعرضة لخطر النوع الثاني)
  • الإصابة بمقدمات السكري قبل الحمل

من المهم ملاحظة أن سكري الحمل يمكن أن يحدث حتى في غياب عوامل الخطر هذه وهذا يؤكد أهمية إجراء الفحص لجميع النساء الحوامل. بعض هذه العوامل كزيادة الوزن قبل الحمل يمكن العمل عليها قبل التخطيط للحمل لتقليل الخطر. والوعي بعوامل الخطر يربطنا بأهمية الفحص والتشخيص المبكر.

تشخيص مرض السكري

التشخيص المبكر لمرض السكري من الأمور المهمة والحيوية لبدء العلاج في الوقت المناسب وتجنب أو تأخير ظهور المضاعفات الخطيرة. يعتمد تشخيص السكري بشكل أساسي على قياس مستويات الجلوكوز في الدم من خلال فحوصات مخبرية محددة.

الفحوصات المستخدمة للتشخيص

هناك عدة فحوصات دم رئيسية تستخدم لتشخيص السكري ومقدماته، وهذه الفحوصات هي:

  • فحص السكر التراكمي (HbA1c): يقيس متوسط سكر الدم خلال 2-3 أشهر ماضية.
  • فحص سكر الدم الصائم (FPG): يقيس سكر الدم بعد صيام 8 ساعات على الأقل.
  • اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (OGTT): يقيس سكر الدم قبل وبعد ساعتين من شرب محلول سكري.
  • فحص سكر الدم العشوائي(RPG): يقيس سكر الدم في أي وقت (مع وجود أعراض).

في معظم الحالات يتطلب تأكيد تشخيص السكري إجراء فحص ثاني للتأكد من النتيجة، إلا إذا كانت الأعراض واضحة جدا ومستوى السكر العشوائي مرتفعا للغاية.

مستويات تشخيص السكري ومقدماته وفقا للمعايير الشائعة
الفحص المعدل الطبيعي مقدمات السكري السكري
فحص السكر التراكمي (A1C) أقل من 5.7% من 5.7% إلى 6.4% 6.5% أو أعلى
فحص سكر الدم الصائم (FPG) 99 ملغم/دل أو أقل من 100 إلى 125 ملغم/دل 126 ملغم/دل أو أعلى
اختبار تحمل الجلوكوز (OGTT - بعد ساعتين) 139 ملغم/دل أو أقل من 140 إلى 199 ملغم/دل 200 ملغم/دل أو أعلى
سكر الدم العشوائي (RPG) لا يستخدم للتشخيص عادة غير مستخدم للتشخيص عادة 200 ملغم/دل أو أعلى (مع وجود أعراض)

ملاحظة مهمة: قد تختلف القيم المرجعية قليلاً بين المختبرات لذلك استشر طبيبك لتفسير نتائجك.

إذا أظهرت نتائج الفحص أن مستويات السكر لديك تقع في نطاق "مقدمات السكري" فهذا يعني أنك معرض لخطر كبير للإصابة بالسكري من النوع الثاني، ولكنه أيضاً فرصة ذهبية لاتخاذ إجراءات وقائية وتغيير نمط الحياة لمنع أو تأخير تطور المرض.

لا تحاول تشخيص نفسك باستخدام أجهزة قياس السكر المنزلية؛ فالتشخيص الدقيق يتطلب فحوصات مخبرية معتمدة وتفسيرا من قبل الطبيب.

تشخيص سكري الحمل

فحص الكشف عن سكري الحمل هو جزء أساسي من الرعاية الصحية خلال فترة الحمل، وعادةً ما يتم إجراؤه بين الأسبوع 24 و 28 من الحمل. قد يتم إجراء الفحص في وقت أبكر للنساء اللاتي لديهن عوامل خطر مرتفعة للإصابة.

تختلف طريقة الفحص قليلًا بين البلدان ولكنها غالبا ما تتضمن اختبار تحمل الجلوكوز الفموي (OGTT). يتطلب هذا الاختبار الصيام ثم شرب محلول سكري وقياس مستوى السكر في الدم عدة مرات على مدى ساعتين أو ثلاث ساعات.

تختلف معايير تشخيص سكري الحمل قليلا عن معايير تشخيص السكري خارج فترة الحمل، وتعتمد على نتائج قياسات السكر المتعددة خلال اختبار OGTT. يجب دائما مناقشة نتائج الفحص مع الطبيب لفهم معناها وتحديد الخطوات التالية إذا لزم الأمر.

إن التشخيص هو الخطوة الأولى والأساسية نحو إدارة فعالة لمرض السكري والوقاية من مضاعفاته المحتملة.

مضاعفات مرض السكري

مضاعفات مرض السكري

ارتفاع مستوى السكر في الدم بشكل مستمر وغير منضبط هو السبب الرئيسي وراء مضاعفات مرض السكري. ويمكن تقسيم هذه المضاعفات إلى نوعين رئيسيين:

  1. مضاعفات حادة تظهر فجأة وتتطلب تدخلا طبيا عاجلا.
  2. ومضاعفات مزمنة تتطور تدريجيًا على مدى سنوات.

المضاعفات الحادة لداء السكري

المضاعفات الحادة هي حالات طبية طارئة يمكن أن تهدد الحياة إذا لم يتم علاجها بسرعة، تشمل أهم هذه المضاعفات:

  • الحماض الكيتوني السكري (DKA): يحدث بشكل أكثر شيوعا لدى مرضى السكري من النوع الأول نتيجة النقص الشديد في الأنسولين. يؤدي ذلك إلى ارتفاع حاد في سكر الدم وتراكم مواد حمضية تسمى الكيتونات. وتشمل الأعراض العطش الشديد وكثرة التبول، والغثيان، والقيء وآلام البطن ورائحة نفس تشبه الفاكهة، وصعوبة التنفس، والارتباك، وقد تصل إلى الغيبوبة. ويعتبر الحماض الكتوني حالة طبية طارئة.
  • حالة فرط الأسمولية مع فرط سكر الدم (HHS): تحدث بشكل أكثر شيوعا لدى مرضى السكري من النوع الثاني خاصة كبار السن أو أثناء الإصابة بأمراض أخرى. تتميز بارتفاع شديد جدا في سكر الدم (قد يتجاوز 600 مغ/ديسيلتر) وجفاف حاد، ولكن دون وجود كميات كبيرة من الكيتونات. تشمل الأعراض العطش الشديد وجفاف الفم وحمى وتشوش الرؤية وضعف شديد وارتباك وقد تؤدي إلى غيبوبة. كما أنها تتطلب علاجا طبيا فوريا.
  • انخفاض شديد في سكر الدم (Severe Hypoglycemia): هو هبوط مستوى السكر في الدم إلى مستويات منخفضة بشكل خطير وغالبا ما يكون نتيجة لجرعة زائدة من الأنسولين أو بعض أدوية السكري الأخرى أو تخطي وجبات الطعام أو ممارسة نشاط بدني مفرط. تشمل أعراض انخفاض سكر الدم الشديد: الارتباك والتعرق والرعشة وخفقان القلب، وقد تتطور إلى نوبات صرع أو فقدان الوعي. تتطلب هذه الحالة تناول السكر بسرعة والتدخل الطبي أحيانا. وقد لا يشعر بعض المرضى بأعراض الإنذار المبكر لانخفاض السكر وهي حالة تعرف بـ "عدم الوعي بنقص السكر في الدم".

المضاعفات المزمنة طويلة الأمد

تتطور هذه المضاعفات تدريجيا على مدى سنوات نتيجة الضرر المستمر الذي يلحقه ارتفاع سكر الدم بالأوعية الدموية (الكبيرة والصغيرة) والأعصاب في جميع أنحاء الجسم. والتحكم الجيد بمستويات السكر في الدم بالإضافة إلى التحكم بضغط الدم والكوليسترول يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بهذه المضاعفات أو يؤخر ظهورها.

تتمثل المضاعفات المزمنة الأكثر شيوعا فيما يلي:

  • أمراض القلب والأوعية الدموية
  • تلف الأعصاب (اعتلال الأعصاب السكري)
  • تلف الكلى (اعتلال الكلية السكري)
  • تلف العين (اعتلال الشبكية السكري)
  • مشاكل القدمين
  • مشاكل الجلد والفم
  • ضعف السمع
  • زيادة خطر الخرف
  • الاكتئاب

تنشأ معظم هذه المضاعفات المزمنة بسبب الضرر الذي يلحق بالأوعية الدموية سواء الصغيرة (التي تغذي العينين والكلى والأعصاب) أو الكبيرة (التي تغذي القلب والدماغ والأطراف).

من المهم التأكيد على أن هذه المضاعفات ليست حتمية. الإدارة الجيدة للسكري والتحكم بمستويات السكر وضغط الدم والدهون بالإضافة إلى الفحوصات الدورية يمكن أن تقلل بشكل كبير من خطر حدوثها أو تؤخر تطورها.

مضاعفات سكري الحمل على الأم والجنين

يمكن أن يؤدي سكري الحمل غير المنضبط إلى مخاطر صحية لكل من الأم والجنين سواء خلال فترة الحمل والولادة أو على المدى الطويل. والإدارة الدقيقة لسكر الحمل تقلل بشكل كبير من هذه المخاطر.

بالنسبة للأم يمكن أن يؤدي سكري الحمل غير المتحكم به إلى:

  • ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل
  • زيادة احتمالية الولادة القيصرية
  • زيادة خطر الإصابة بسكري الحمل في حمل مستقبلي
  • زيادة كبيرة في خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني لاحقا
  • زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية مستقبلا

أما بالنسبة للجنين فالمخاطر تشمل التالي:

  • الوزن الزائد عند الولادة (عملقة الجنين)
  • الولادة المبكرة
  • صعوبات التنفس عند الولادة
  • انخفاض سكر الدم بعد الولادة
  • اليرقان (الصفراء)
  • زيادة خطر السمنة والسكري من النوع الثاني لاحقا
  • الإملاص (وفاة الجنين داخل الرحم)
  • عيوب خلقية (إذا كان السكري موجودا قبل الحمل)

يؤثر سكري الحمل على الأم والطفل على المدى القصير والطويل. إن إدارة سكري الحمل بفعالية لا تحمي الحمل الحالي فقط بل تقلل أيضا من المخاطر الصحية المستقبلية لكليهما، وتكسر حلقة انتقال خطر السمنة والسكري عبر الأجيال.

بالنسبة للنساء المصابات بالسكري من النوع الأول أو الثاني قبل الحمل فإن التخطيط المسبق للحمل والمتابعة الدقيقة مع فريق طبي متخصص أمر ضروري لتقليل مخاطر المضاعفات مثل العيوب الخلقية.

رغم أن مضاعفات السكري قد تبدو مقلقة، إلا أن هناك استراتيجيات فعالة لإدارة المرض والتحكم به وتقليل هذه المخاطر بشكل كبير.

إدارة مرض السكري والتحكم به

إدارة مرض السكري والتحكم به

تتطلب إدارة مرض السكري التزاما مستمرا يتضمن مجموعة من الاستراتيجيات التي تعمل معا. الهدف الرئيسي هو الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن النطاق المستهدف قدر الإمكان، وذلك للوقاية من المضاعفات الحادة والمزمنة وتحسين جودة الحياة.

تغييرات نمط الحياة الصحية

تعتبر تغييرات نمط الحياة حجر الزاوية في إدارة جميع أنواع السكري وهي ذات أهمية قصوى بشكل خاص في السكري من النوع الثاني وسكري الحمل.

تشمل هذه التغييرات جوانب متعددة مثل النظام الغذائي والنشاط البدني وإدارة الوزن والإقلاع عن التدخين والتعامل مع التوتر وتجنب تناول الكحول.

وتتمثل أهم تغييرات نمط الحياة لمرضى السكري في التالي:

  • اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن
  • ممارسة النشاط البدني بانتظام
  • الحفاظ على وزن صحي أو فقدان الوزن الزائد
  • الإقلاع عن التدخين
  • التحكم بالتوتر
  • تجنب الكحول

من الضروري العمل مع فريق الرعاية الصحية الذي يشمل أخصائي تغذية ومعلم سكري لوضع خطة نمط حياة شخصية تناسب احتياجاتك وظروفك. الاستمرارية والالتزام بهذه التغييرات هي مفتاح النجاح على المدى الطويل في إدارة السكري.

مراقبة نسبة السكر في الدم

مراقبة مستويات السكر في الدم هي جزء أساسي من إدارة السكري. فهي تساعدك أنت وفريقك الطبي على فهم كيفية تأثير الطعام والنشاط البدني والأدوية والمرض والتوتر على مستويات السكر لديك، مما يسمح بإجراء التعديلات اللازمة على خطة العلاج لتحقيق تحكم أفضل وتجنب الارتفاعات والانخفاضات الخطيرة.

تتضمن طرق المراقبة الشائعة استخدام جهاز قياس السكر المنزلي عن طريق وخز الإصبع للحصول على قطرة دم. يختلف عدد مرات القياس المطلوبة يوميا بشكل كبير اعتمادا على نوع السكري وخطة العلاج. كما توفر أجهزة المراقبة المستمرة للجلوكوز (CGM) قراءات لمستويات السكر بشكل مستمر أو متكرر على مدار اليوم والليلة، مما يعطي صورة أوضح عن تقلبات السكر واتجاهاته.

إضافة إلى المراقبة اليومية يُستخدم فحص السكر التراكمي (A1C) لقياس متوسط مستوى السكر في الدم خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية. يعتبر هذا الفحص مؤشرا هاما لمدى فعالية خطة العلاج بشكل عام. الهدف الموصى به لمعظم البالغين غير الحوامل هو أقل من 7% ولكن يجب تحديد الهدف بشكل فردي مع الطبيب.

ومؤخرا أصبح مفهوم "الوقت في النطاق المستهدف" (TIR) الذي يتم الحصول عليه من بيانات أجهزة المراقبة المستمرة (CGM) مقياسا آخر مهما. حيث يمثل النسبة المئوية للوقت الذي يقضيه الشخص ومستوى السكر لديه ضمن النطاق المرغوب (عادة 70-180 مغ/ديسيلتر). الهدف لمعظم الأشخاص هو قضاء أكثر من 70% من الوقت ضمن هذا النطاق. إن المراقبة المنتظمة تمكنك من لعب دور فعال في إدارة حالتك الصحية يوما بيوم.

العلاج الدوائي (غير الأنسولين)

في كثير من الحالات لا تكون تغييرات نمط الحياة وحدها كافية للوصول إلى مستويات السكر المستهدفة وهنا يأتي دور الأدوية. العلاج بالأنسولين ضروري دائما لمرضى السكري من النوع الأول وغالبا ما يحتاجه مرضى النوع الثاني وسكري الحمل في مرحلة ما.

تعمل أدوية السكري بطرق مختلفة فبعضها يزيد من إنتاج الأنسولين أو يحسن استجابة الجسم له، وبعضها يقلل من إنتاج الكبد للسكر، وبعضها يبطئ امتصاص الكربوهيدرات من الأمعاء، وبعضها يساعد على التخلص من السكر الزائد عن طريق الكلى. 

يعتمد اختيار الدواء أو مجموعة الأدوية المناسبة على نوع السكري ومستوى السكر والحالة الصحية العامة للمريض ووجود أمراض أخرى، والآثار الجانبية المحتملة والتكلفة. قد يحتاج المريض إلى تناول أكثر من دواء واحد في نفس الوقت لتحقيق التحكم المطلوب.

تتضمن الفئات الرئيسية لأدوية السكري (غير الأنسولين خاصة للنوع الثاني) ما يلي:

  • الميتفورمين (يقلل إنتاج الكبد للسكر ويزيد حساسية الأنسولين)
  • السلفونيل يوريا (تحفز البنكرياس لإفراز الأنسولين)
  • الميجليتينايدز (تحفز إفراز الأنسولين بسرعة)
  • الثيازوليدينديون (TZDs) (تزيد حساسية الأنسولين في الأنسجة)
  • مثبطات DPP-4 (تساعد الهرمونات الطبيعية على العمل لفترة أطول)
  • ناهضات مستقبلات GLP-1 (تزيد الأنسولين وتساعد في الوزن)
  • مثبطات SGLT2 (تخلص الجسم من السكر الزائد في البول)
  • الأنسولين (ضروري للنوع الأول وقد يحتاجه النوع الثاني/سكري الحمل)

من الضروري جدا تناول الأدوية تماما كما وصفها الطبيب وعدم تغيير الجرعات أو التوقف عن تناولها دون استشارته. يجب أيضا إبلاغ الطبيب بأي آثار جانبية تلاحظها.

بعض الأدوية الحديثة مثل ناهضات مستقبلات GLP-1 ومثبطات SGLT2 أظهرت فوائد إضافية تتجاوز مجرد خفض السكر مثل المساعدة في فقدان الوزن وحماية القلب والكلى لدى بعض المرضى. هذا التطور في العلاجات يسمح بتصميم خطط علاجية أكثر تخصيصا لتلبية احتياجات كل مريض.

العلاج بالأنسولين

الأنسولين ضروري لجميع مرضى النوع الأول وقد يحتاجه بعض مرضى النوع الثاني أو سكري الحمل إذا لم يتم التحكم في سكر الدم بوسائل أخرى. يهدف العلاج بالأنسولين إلى محاكاة الإفراز الطبيعي للأنسولين في الجسم.

تتوفر أنواع مختلفة من الأنسولين تختلف في سرعة ومدة عملها. تشمل هذه الأنواع:

  • سريع المفعول وسريع المفعول جدا
  • قصير المفعول (العادي)
  • متوسط المفعول (NPH)
  • طويل المفعول وفائق الطول
  • المخلوط مسبقا
  • الأنسولين المستنشق

يمكن إعطاء الأنسولين عن طريق الحقن (بالمحاقن أو الأقلام) أو باستخدام مضخة الأنسولين. سيحدد طبيبك النوع والجرعة وطريقة الإعطاء الأنسب لك.

المتابعة الطبية المنتظمة

يتطلب مرض السكري متابعة طبية مستمرة ومنتظمة مع فريق الرعاية الصحية الذي يشمل طبيب الأسرة أو أخصائي الغدد الصماء وممرضة وأخصائي تغذية ومعلم سكري وطبيب عيون وأخصائي أقدام.

خلال زيارات المتابعة الدورية يقوم الفريق الطبي بمراجعة سجلات قياسات السكر ونتائج فحص السكر التراكمي وقياس ضغط الدم والوزن وفحص القدمين ومناقشة نمط الحياة والأدوية وإجراء التعديلات اللازمة على الخطة العلاجية، بالإضافة إلى إجراء فحوصات دورية للكشف المبكر عن المضاعفات.

من الأهمية بمكان إجراء فحص شامل للعينين (فحص قاع العين) مرة واحدة سنويا على الأقل للكشف عن اعتلال الشبكية السكري في مراحله المبكرة. كذلك يجب إجراء فحوصات دورية لوظائف الكلى (عن طريق فحص البول والدم) للكشف عن أي علامات مبكرة لاعتلال الكلية السكري.

نظرا لأن مرض السكري قد يضعف جهاز المناعة فيُنصح بالحصول على اللقاحات الموصى بها بانتظام مثل لقاح الإنفلونزا السنوي ولقاح المكورات الرئوية ولقاح التهاب الكبد B وغيرها، بعد استشارة الطبيب.

العناية بالقدمين لمرضى السكري

العناية بالقدمين ضرورية لمرضى السكري؛ وذلك لأن ارتفاع السكر يمكن أن يسبب تلفا في الأعصاب (مما يقلل الإحساس بالألم أو الحرارة أو الضغط في القدمين) ويضعف الدورة الدموية في الأطراف.

هذا المزيج يجعل القدمين عرضة للإصابات والجروح التي قد لا يشعر بها المريض، كما يجعل التئام هذه الجروح بطيئا ويزيد من خطر الإصابة بالعدوى والتقرحات التي قد تؤدي في النهاية إلى البتر.

وللحفاظ على صحة قدميك اتبع الخطوات التالية يوميا:

  1. افحص قدميك يوميا
  2. اغسل قدميك يوميا بماء فاتر
  3. جفف قدميك جيدا (خاصة بين الأصابع)
  4. رطّب جلد القدم (مع تجنب المنقطة بين الأصابع)
  5. قص الأظافر بعناية (بشكل مستقيم)
  6. ارتداء أحذية وجوارب مناسبة دائما
  7. حافظ على تدفق الدم (حرك القدمين بشكل دوري)
  8. راجع الطبيب فورا عند وجود مشاكل

الوقاية والكشف المبكر هما المفتاح لتجنب المضاعفات الخطيرة للقدم السكرية. وإضافة إلى الفحص اليومي الذاتي لابد من أن يقوم الطبيب أو أخصائي الرعاية الصحية بفحص قدميك بشكل دوري خلال زيارات المتابعة.

على الرغم من أن إدارة السكري تتطلب جهدا ومتابعة مستمرة إلا أن الأدوات والاستراتيجيات الفعالة متاحة. اتباع نهج استباقي والعمل عن كثب مع فريق الرعاية الصحية يمكن أن يؤدي إلى نتائج صحية أفضل وحياة أكثر نشاطا.

الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني

على عكس السكري من النوع الأول يمكن في كثير من الأحيان الوقاية من السكري من النوع الثاني أو على الأقل تأخير ظهوره لسنوات عديدة، خاصة إذا تم اتخاذ الإجراءات اللازمة في مرحلة مقدمات السكري. أظهرت الأبحاث أن تغييرات نمط الحياة يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بشكل كبير قد يصل إلى حوالي 50% لدى الأشخاص المعرضين للخطر.

خطوات عملية لتقليل خطر الإصابة

تتشابه استراتيجيات الوقاية من السكري من النوع الثاني إلى حد كبير مع استراتيجيات إدارة المرض ونمط الحياة الصحي بشكل عام. والتركيز على الإجراءات الأكثر تأثيرا يمكن أن يساعد بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة.

يمكنك تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني باتباع النصائح التالية:

  • الحفاظ على وزن صحي؛ حيث أن فقدان نسبة بسيطة من وزنك (5-7%) يمكن أن يقلل الخطر بشكل ملحوظ.
  • اتباع نظام غذائي صحي من خلال التركيز على تناول كميات وفيرة من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون، والتقليل من تناول السكريات المضافة والمشروبات المحلاة والدهون المشبعة والمهدرجة واللحوم المصنعة.
  • حافظ على ممارسة 150 دقيقة على الأقل أسبوعيا من النشاط البدني المعتدل مثل المشي السريع أو السباحة.
  • تجنب المشروبات السكرية واستبدل المشروبات الغازية والعصائر المحلاة بالماء أو الشاي والقهوة غير المحلاة.
  • الإقلاع عن التدخين للتقليل من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وأيضاً لحماية القلب والرئتين.
  • تحدث مع طبيبك حول إجراء فحص للكشف عن مقدمات السكري أو السكري إذا كان لديك واحد أو أكثر من عوامل الخطر (مثل التاريخ العائلي أو زيادة الوزن أو ارتفاع ضغط الدم).

تذكر أن التغييرات الصغيرة والمستمرة في نمط الحياة يمكن أن تحدث فرقا كبيرا لصحتك على المدى الطويل. وإذا تم تشخيصك بمقدمات السكري فاعتبر ذلك فرصة لاتخاذ إجراءات جادة لمنع تطور الحالة إلى سكري كامل. يمكن لبرامج الوقاية من السكري والتي تركز على تغيير نمط الحياة أن تكون مفيدة جدا في هذا الصدد. إن اتخاذ خطوات وقائية اليوم هو استثمار قيم في صحتك المستقبلية.

الأسئلة الشائعة

هنا نجيب على أبرز الأشئلة الشائعة لدى البعض:

هل يمكن الشفاء التام من مرض السكري؟

حاليا لا يوجد علاج شافي للسكري من النوع الأول ويتطلب أنسولين مدى الحياة. السكري من النوع الثاني لا يمكن "شفاؤه" تماما لكن يمكن أحيانا وضعه في حالة "هجوع" (عودة سكر الدم للطبيعي بدون أدوية) عبر فقدان الوزن الكبير وتغيير نمط الحياة خاصة في المراحل المبكرة. لكن هذا يتطلب الحفاظ على العادات الصحية والمراقبة. أما سكري الحمل يزول عادة بعد الولادة لكن خطر الإصابة بالنوع الثاني مستقبلا يبقى مرتفعا.

ما هو المعدل الطبيعي للسكر التراكمي (A1C) وسكر الدم الصائم؟

المعدل الطبيعي للسكر التراكمي (A1C) - بشكل عام - أقل من 5.7%. أما المعدل الطبيعي لسكر الدم الصائم (بعد 8 ساعات صيام) فيكون 99 مغ/ديسيلتر أو أقل. هذه قيم استرشادية وقد تختلف الأهداف الفردية قليلا. استشر طبيبك دائما لتفسير نتائج فحوصاتك.

كيف أعرف أني مصاب بالسكري؟ ما هي أولى العلامات؟

العلامات الأولى والشائعة لمرض السكري تتمثل في زيادة العطش وكثرة التبول والجوع الشديد وفقدان الوزن غير المبرر والتعب وتشوش الرؤية. لكن السكري من النوع الثاني قد يبدأ بدون أعراض واضحة.

الطريقة الوحيدة للتأكد هي عبر إجراء فحوصات الدم التي يطلبها الطبيب، فراجع طبيبك إذا كنت تعاني من أعراض أو لديك عوامل خطر للإصابة.

هل مرض السكري وراثي؟

الوراثة لها دور كبير في الاستعداد للإصابة بالسكري بنوعيه الأول والثاني، فوجود تاريخ عائلي يزيد الخطر. لكن الوراثة ليست السبب الوحيد؛ فالنوع الأول يتطلب غالبا محفزا بيئيا، والنوع الثاني يرتبط بقوة بنمط الحياة (الوزن + النشاط). كثير من المصابين ليس لديهم تاريخ عائلي ووجود تاريخ عائلي لا يعني حتمية الإصابة.

هل يمكن لمريض السكري ممارسة الرياضة؟

نعم، بل إن ممارسة الرياضة بانتظام جزء أساسي ومهم جدًا في خطة علاج وإدارة مرض السكري. تساعد الرياضة على تحسين حساسية الأنسولين وخفض مستوى السكر في الدم. لكن يجب استشارة الطبيب قبل البدء وقد يحتاج المريض لتعديل العلاج لتجنب هبوط السكر.

ما الفرق الرئيسي بين السكري النوع الأول والنوع الثاني؟

السكري من النوع الأول هو مرض مناعي ذاتي يسبب نقصا تاما في الأنسولين ويبدأ عادةً في الصغر ويتطلب علاجا بالأنسولين دائما. أما السكري من النوع الثاني فيتميز بمقاومة الأنسولين أو نقص نسبي فيه ويرتبط بالوراثة ونمط الحياة ويبدأ غالبا في الكبر (لكن يتزايد لدى الشباب)، وقد يُعالج أولا بنمط الحياة والأدوية الفموية، وقد يحتاج للأنسولين لاحقا.

متى يجب فحص السكر في الدم؟

يعتمد تكرار فحص السكر على نوع السكري وخطة العلاج. فالأشخاص الذين يستخدمون الأنسولين يحتاجون غالبا للفحص عدة مرات يوميا، أما الآخرون قد يحتاجون للفحص بشكل أقل. أجهزة المراقبة المستمرة (CGM) توفر قراءات متواصلة، وطبيبك هو من يحدد جدول المراقبة الأنسب لحالتك.

الخاتمة

مرض السكري هو حالة صحية منتشرة ومزمنة لكن يمكن إدارتها بفعالية. فهم الأنواع المختلفة للمرض وأعراضه وعوامل الخطر المرتبطة به هو الخطوة الأولى والأساسية للتعامل معه.

يظل نمط الحياة الصحي الذي يشمل نظاما غذائيً متوازنا ونشاطا بدنيا منتظما والحفاظ على وزن صحي هو الركيزة الأساسية لإدارة السكري والوقاية من النوع الثاني منه.

لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية التشخيص المبكر والمراقبة المنتظمة لمستويات السكر في الدم والالتزام بخطة العلاج الموصوفة من قبل الطبيب وإجراء الفحوصات الدورية للكشف عن المضاعفات المحتملة خاصة للعينين والقدمين والكلى.

نأمل أن يكون هذا الدليل قد قدم لك المعلومات التي تحتاجها. تذكر أن التعايش الجيد مع مرض السكري ممكن من خلال المعرفة والالتزام والعمل الوثيق مع فريق الرعاية الصحية الخاص بك. وبيدك القدرة على اتخاذ خطوات إيجابية نحو صحة أفضل.

إخلاء مسؤولية: هذا المقال يقدم معلومات عامة لأغراض تثقيفية فقط ولا يغني عن استشارة الطبيب المختص. المعلومات الواردة هنا لا يجب اعتبارها تشخيصا أو توصية علاجية. ويجب دائما استشارة طبيبك أو مقدم رعاية صحية مؤهل قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بصحتك أو علاجك. لا تتجاهل النصيحة الطبية المتخصصة أو تتأخر في طلبها بسبب شيء قرأته في هذا المقال.

المراجع:

World Health Organization. Diabetes. Updated November 14, 2024. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/diabetes

Mayo Clinic. Diabetes. Updated March 27, 2024. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/diabetes/symptoms-causes/syc-20371444

National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases (NIDDK). Symptoms & Causes of Diabetes. Updated October 2024. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.niddk.nih.gov/health-information/diabetes/overview/symptoms-causes

National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases (NIDDK). Diabetes Tests & Diagnosis. Updated July 2022. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.niddk.nih.gov/health-information/diabetes/overview/tests-diagnosis

Centers for Disease Control and Prevention (CDC). Gestational Diabetes. Updated May 15, 2024. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.cdc.gov/diabetes/about/gestational-diabetes.html

American Diabetes Association. Standards of Care in Diabetes—2024. Diabetes Care. 2024;47(Supplement_1):S1-S321. Accessed May 4, 2025. Available from: https://diabetesjournals.org/care/issue/47/Supplement_1

Mayo Clinic. Diabetes management: How lifestyle, daily routine affect blood sugar. Updated November 15, 2023. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/diabetes/in-depth/diabetes-management/art-20047963

Mayo Clinic. Type 2 diabetes: Treatment. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/type-2-diabetes/diagnosis-treatment/drc-20351199

Diabetes UK. Preventing type 2 diabetes. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.diabetes.org.uk/preventing-type-2-diabetes/can-diabetes-be-prevented

Mayo Clinic. Gestational diabetes. Accessed May 4, 2025. Available from: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/gestational-diabetes/symptoms-causes/syc-20355339

خالد العابد
خالد العابد
يحمل خالد شهادة البكالوريوس من كلية الصيدلة في جامعة صنعاء وهو كاتب ومدقق في المحتوى الطبي على موقع نبض طب وتتركز اهتماماته حول المواضيع الصحية والطبية.
تعليقات