إن انتظام الدورة الشهرية هو من أبرز علامات التوازن الهرموني وصحة الجهاز التناسلي لدى المرأة، فإذا اضطرب هذا الانتظام دلّ ذلك على خلل لا ينبغي التغاضي عنه. وليس في اضطراب الدورة تشخيص مستقل، بل هو عرض يُشير إلى حالات صحية متعدّدة، بعضها عابر وبعضها يستوجب عناية خاصة.
ويقوم انتظام الدورة على تناغم دقيق بين هرمونات الجسم، فإذا اختلّ هذا التناغم ظهرت الاضطرابات، سواء كانت في التوقيت أو في الغزارة أو في المدة، وربما غابت الدورة كلياً دون سبب ظاهر. ولئن كانت بعض هذه التغيرات مألوفة في فترات كالبلوغ أو ما قبل انقطاع الطمث، إلا أن استمرارها أو اقترانها بأعراض غير معتادة يدعو إلى الاستقصاء.
ولا يُجدي في مثل هذه الحالات الاكتفاء بعلاج المظهر، إذ لا بدّ من بحث السبب الكامن، لأن الجسم لا يطلق إشاراته عبثاً، بل يدلّ بها على ما ينبغي ملاحظته وفهمه. ومن هنا جاءت أهمية التشخيص المبكر، لا بوصفه علاجاً فحسب، بل وقاية مما قد يتفاقم إن تُرك دون اهتمام.
يهدف هذا المقال إلى أن يكون مرجعاً طبياً موثوقاً يسهم في توضيح مفهوم عدم انتظام الدورة الشهرية من خلال بيان أسبابه المحتملة، وشرح ما قد يصاحبه من أعراض، وبيان الوسائل المتبعة في التشخيص، كما يسعى إلى تقديم نظرة وافية حول العلاجات المتاحة، مع التأكيد على أهمية التبكير في التعامل مع هذه الاضطرابات، درءًا لما قد ينشأ عنها من مضاعفات، وحفاظاً على صحة المرأة وسلامة قدرتها الإنجابية.
ما هي الدورة الشهرية الطبيعية؟
إن فهم معالم الدورة الشهرية الطبيعية وآلياتها الفسيولوجية هو بعينه ليشكل حجر الزاوية في القدرة على تمييز أي انحرافات قد تطرأ عليها. فبدون استيعاب هذه الأساسيات ذاتها يصبح من الصعب على المرأة، بل ويتعذر عليها أحياناً، تقييم دورتها بشكل صحيح أو تحديد متى يجب عليها التماس المشورة الطبية.
أما الدورة الشهرية فإنه يُعرّف بها على أنها تلك السلسلة من التغيرات الشهرية المعقدة والمتناسقة التي يمر بها جسم المرأة وهي هي التي تهيئه لاحتمالية حدوث حمل. وتتضمن هذه الدورة عينُها تفاعلات هرمونية هي في طبيعتها دقيقة ومتناغمة كل التناغم تحدث بين عدة محاور رئيسية في الجسم إذ تشمل منطقة تحت المهاد (Hypothalamus) والغدة النخامية (Pituitary gland) في الدماغ وهذا بالإضافة إلى المبيضين (Ovaries) وإلى الرحم (Uterus).
وهذا التفاعل الهرموني بالذات لا يقتصر ألبتة على كونه عملية خطية بل هو في حقيقة الأمر نظام متكامل كل التكامل يعتمد أشد الاعتماد على آليات تغذية راجعة هي في وصفها معقدة حيث تؤثر بموجبها مستويات الهرمونات المختلفة تأثيرًا بَيّنًا على إفراز بعضها البعض وهو ما من شأنه أن يضمن في نهاية المطاف سير الدورة الشهرية بكل ما هو مطلوب من انتظام وبكل ما هو مرجو من دقة.
الأدوار الهرمونية
إِنَّ مجموعةً متناغمةً من الهرمونات هي التي بعينها تُشرِفُ على تنظيم الدورة الشهرية، إذ تعمل هذه الرسل الكيميائية عينها بتناسق دقيق كل الدقة لضمان سير العمليات الفسيولوجية كافة، تلك المرتبطة بالخصوبة والحيض على حدٍ سواء. وهذا النظام الهرموني المعقد ذاته هو الذي يقع على عاتقه أمر المسؤولية عن تهيئة الجسم للحمل المحتمل في كل دورة تمر بها المرأة.
أما هذه المنظومة الهرمونية، فإنها تتألف في تكوينها الأساسي من جملة العناصر الآتي ذكرها:
- الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية (GnRH)
- الهرمون المنبه للجريب (FSH) والهرمون الملوتن (LH)
- الإِستروجين والبروجستيرون
- آلية التغذية الراجعة
فالهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية (GnRH) إنما يُفرَزُ من منطقة تحت المهاد، ليكون بذلك محفزاً للغدة النخامية كي تقوم بدورها بإفراز كل من الهرمون المنبه للجريب (FSH) والهرمون الملوتن (LH). ومن ثم يعمل الهرمون المنبه للجريب (FSH) على إحداث نمو الجريبات في المبيض، في حين يُسهِمُ الهرمون الملوتن (LH) إسهاماً فاعلاً في تمام نضجها وفي حدوث عملية التبويض.
أما فيما يخص هرموني الإِستروجين والبروجستيرون، فإنه يتم إفرازهما من المبيضين، حيث يتولى الإِستروجين مهمة بناء بطانة الرحم، بينما يُهيِّئُها البروجستيرون على أتم وجه لاستقبال الجنين إن قُدِّرَ له ذلك. وآلية التغذية الراجعة، هي الأخرى، تعمل بدأب على تنظيم مستويات هذه الهرمونات كافة، وذلك لضمان سير الدورة بكل انتظام يُرتجى.
مراحل الدورة
إِنَّ الدورة الشهرية لتتألف في حقيقة تكوينها من تسلسل دقيق كل الدقة لجملة من المراحل المتتابعة، تلك التي تحدث وقائعها في كل من المبيض والرحم على السواء، وهذه المراحل جميعُها تعمل بتناغم تام لتهيئة الجسم على أُهبة الاستعداد لاحتمالية حدوث حمل. وهذا التعاقب المنظم بدوره إنما يعكس أصدق انعكاس طبيعة التغيرات الفسيولوجية والهرمونية التي تميز بالفعل كل طور بعينه من أطوار هذه الدورة الحيوية.
أما الدورة المبيضية، وهي التي تحدث تغيراتها المميزة في نطاق المبيض، فإنها تتضمن في مسارها الخطوات الأساسية التالية:
- المرحلة الجريبية (Follicular Phase)
- التبويض (Ovulation)
- المرحلة الأصفرية (Luteal Phase)
فالمرحلة الجريبية تبدأ أول أمرها بنمو جريب قد أمسى مهيمناً وذلك تحت تأثير هرمون FSH، والذي بفعله يُفرَزُ الإِستروجينُ. ويلي ذلك مباشرةً حدوث التبويض، وما هو إلا عملية إطلاق البويضة الناضجة من المبيض، ويتم ذلك بتحفيز من ارتفاع ملحوظ في هرمون LH. أما المرحلة الأصفرية، فإنها تتميز حقاً بتحول ما تبقى من بقايا الجريب إلى الجسم الأصفر، ذلك الجسم الذي يُفرِزُ كلاً من البروجستيرون والإِستروجين.
وبالتوازي والتناغم مع أحداث الدورة المبيضية، فإن بطانة الرحم هي الأخرى تشهد بنفسها تحولات مميزة وذات شأن خلال ما يُعرَفُ بالدورة الرحمية، وهي تتجلى على النحو التالي:
- مرحلة الحيض (Menstrual Phase)
- المرحلة التكاثرية (Proliferative Phase)
- المرحلة الإفرازية (Secretory Phase)
ففي غضون مرحلة الحيض، يحدث أن تنسلخ بطانة الرحم وذلك إذا لم يكن قد حدث إخصاب للبويضة. ثم تعقبها المرحلة التكاثرية، وهي المرحلة التي فيها تنمو بطانة الرحم نمواً مجدداً ويكون ذلك بتأثير من الإِستروجين. وأخيراً، وفي المرحلة الإفرازية تحديداً، فإن تهيئة بطانة الرحم تكتمل على أتم صورها وذلك بتأثير مباشر من البروجستيرون، لتصبح بذلك جاهزة كل الجاهزية لاستقبال البويضة المخصبة إن هي أتت.
معايير الدورة المنتظمة (وفقًا لـ FIGO وغيرها)
إِنَّ استيعاب تلك المقاييس التي من شأنها أن تحدد ماهية الدورة الشهرية المنتظمة لهو بحق أمرٌ يكتسي بالغ الأهمية، ذلك أن التباينات الطفيفة التي قد تقع ضمن هذا النطاق المحدد لا تستدعي في غالب الأمر أي قلق يُذكَر. ولقد عمدت الهيئات الطبية المرجعية المعتبرة، ومنها على سبيل المثال الاتحاد الدولي لأمراض النساء والتوليد (FIGO)، إلى وضع معايير واضحة كل الوضوح يُستنَدُ إليها في تقييم مدى انتظام سير الدورة الشهرية لدى المرأة.
وهذه المعايير، في حقيقة أمرها، تستند في قيامها إلى عدة جوانب توصف بأنها أساسية، وهي تتمثل فيما يلي:
- التكرار (Frequency)
- الانتظام (Regularity)
- المدة (Duration)
- حجم التدفق (Volume)
فالتكرار إنما يُقصَدُ به تلك الفترة الزمنية المحصورة بين بداية دورة وبداية الدورة التي تليها (وهي فترة تتراوح عادةً بين 24 يومًا و38 يومًا في الوضع الطبيعي). ويشير مصطلح الانتظام إلى مدى ثبات طول الدورة من شهر لآخر (إذ إِنَّ تبايناً لا يتجاوز في مقداره 7 أيام إلى 9 أيام يُعَدُّ طبيعياً). أما المدة، فهي ليست سوى عدد أيام النزيف الفعلي (وهي مدة تصل حتى 8 أيام في سياقها الطبيعي). ويُقدَّرُ حجم التدفق الدموي الطبيعي بما يتراوح مقداره بين 5 مل و80 مل تقريباً.
ولتخيص هذه المعايير على نحو أوفى، يمكن للمرء الرجوع إلى الجدول التالي:
المعيار | التعريف | النطاق الطبيعي | ما يعتبر غير طبيعي (أمثلة) |
---|---|---|---|
التكرار | الفترة بين بداية دورة وبداية الدورة التالية. | من 24 - 38 يومًا. | أقل من 24 يومًا (متقاربة)، أكثر من 38 يومًا (متباعدة). |
الانتظام | مدى التباين في طول الدورة من شهر لآخر. | التباين لا يتجاوز 7-9 أيام (حسب العمر). | التباين يتجاوز 7-9 أيام (حسب العمر). |
المدة | عدد أيام النزيف. | حتى 8 أيام. | أكثر من 8 أيام (طويلة). |
الحجم | كمية الدم المفقود. | من 5 - 80 مل (يعتمد أيضًا على التأثير على جودة الحياة) | أكثر من 80 مل أو يؤثر على جودة الحياة (غزير)، أقل من 5 مل (خفيف). |
والحق أن هذا الجدول ليُساعد أيَّما مساعدة في توضيح الفروق بين ما هو دورة طبيعية وما هو غير طبيعية، وذلك بناءً على معايير هي معتمدة دوليًا، الأمر الذي من شأنه أن يسهل على المرأة فهم دورتها بشكل أفضل وأعمق.
ما هو عدم انتظام الدورة الشهرية؟
إِنَّ عدم انتظام الدورة الشهرية - بشكل شامل - يُعرَف بإنه يعني أيَّ انحراف أو تغيير ملحوظ بعينه يطرأ على النمط المعتاد للدورة الشهرية لدى المرأة، سواء أكان هذا التغيير في توقيت حدوثها، أم في مدة استمرار نزيف الحيض، أم في كمية الدم المفقودة خلالها، أم في درجة انتظام حدوثها من شهر لآخر.
وهذا التعريف الواسع إنما يشمل طيفاً من التغيرات، مثل تلكم الدورات التي تأتي على فترات هي جد متقاربة، أي أقل من واحد وعشرين إلى أربعة وعشرين يوماً، أو تلك التي تكون هي جد متباعدة، أي أطول من خمسة وثلاثين إلى ثمانية وثلاثين يوماً. كما يندرج تحت هذا المفهوم ذاته غياب الدورة الشهرية تماماً لمدة ثلاثة أشهر متتالية أو أكثر، وهو الأمر الذي يُعرَف بـ انقطاع الطمث الثانوي، وذلك في حال عدم وجود حمل، أو عدم ممارسة الرضاعة الطبيعية، أو عدم بلوغ سن اليأس الطبيعي.
وبالإضافة إلى ما ذُكر من تغيرات في التوقيت والانتظام، فإن عدم انتظام الدورة الشهرية ليشمل أيضاً تلكم التغيرات الكبيرة التي تطال طبيعة النزيف نفسه. فقد يكون النزيف أغزر بكثير من المعتاد، أو على النقيض من ذلك تماماً، أخف بكثير من المعتاد. كما أنَّ استمرار النزيف لمدة تتجاوز سبعة إلى ثمانية أيام لهو مما يُعتَبَر من علامات عدم الانتظام.
ومن الأهمية بمكانٍ حقاً التأكيد على أنَّ أيَّ نزيف مهبلي يحدث بين الدورات الشهرية المنتظمة، أو أيَّ نزيف يستجد بعد التأكد من انقطاع الطمث (سن اليأس)، إنما يُعتَبَر وبشكل دائم حالة غير طبيعية وهي حالة تستدعي تقييماً طبياً فورياً ودقيقاً، وذلك نظرًا لاحتمالية ارتباطه بحالات صحية قد تكون أكثر خطورة. وإِنَّ هذا التنوع الكبير في مظاهر "عدم الانتظام" لهو مما يستلزم فهمًا دقيقًا للمصطلحات الطبية المستخدمة في وصف هذه الحالات.
أنواع عدم انتظام الدورة (المصطلحات الطبية الشائعة)
إنَّ اضطرابات الدورة الشهرية لَتَتَّخِذُ أشكالاً متنوعة، ولكل شكل منها مصطلح طبي محدد بعينه يساعد في وصف الحالة بكل دقة. ولا شك أنَّ الإلمام بهذه المصطلحات من شأنه أن يسهل على المرأة فهم طبيعة مشكلتها والتواصل بفعالية مع مقدمي الرعاية الصحية، كما أنه يوجه الوجهة الصحيحة نحو الأسباب المحتملة والعلاجات المناسبة.
وتتضمن أبرز هذه التصنيفات الطبية ما يلي:
- انقطاع الطمث (Amenorrhea)
- قلة الطمث (Oligomenorrhea)
- تعدد الطمث أو تقارب الطمث (Polymenorrhea)
- غزارة الطمث (Menorrhagia / HMB)
- نقص الطمث (Hypomenorrhea)
- النزيف بين الدورات (Intermenstrual Bleeding / Metrorrhagia)
- غزارة الطمث مع عدم انتظام التوقيت (Menometrorrhagia)
- عسر الطمث (Dysmenorrhea)
فأما انقطاع الطمث فإنه يشير إلى غياب الدورة تماماً، بينما تعني قلة الطمث دورات متباعدة، وتعدد الطمث دورات متقاربة. وأما غزارة الطمث، فإنها تعبر عن نزيف مفرط، ونقص الطمث عن نزيف خفيف. ويُقصَد بالنزيف بين الدورات أيُّ نزيف يكون خارج فترة الحيض، فيما يجمع مصطلح غزارة الطمث مع عدم انتظام التوقيت بين النزيف الغزير وذلك غير المنتظم. وأخيراً، فإن عسر الطمث يشير إلى تلكم الآلام الشديدة المصاحبة للدورة.
المصطلح الطبي | الوصف | مثال |
---|---|---|
Amenorrhea (انقطاع الطمث) | غياب كامل للدورة الشهرية. | فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً ولم تأتها الدورة بعد، أو امرأة كانت دورتها منتظمة ثم توقفت لمدة 4 أشهر. |
Oligomenorrhea (قلة الطمث) | دورات شهرية متباعدة (الفترة بينها أطول من 35-38 يوماً). | امرأة تأتيها الدورة كل 45 يوماً. |
Polymenorrhea (تعدد الطمث/تقارب الطمث) | دورات شهرية متقاربة (الفترة بينها أقل من 21-24 يوماً). | امرأة تأتيها الدورة كل 18 يوماً. |
Menorrhagia / HMB (غزارة الطمث) | نزيف حيض غزير جداً أو يستمر لفترة أطول من المعتاد (أكثر من 7-8 أيام). | امرأة تحتاج لتغيير الفوطة الصحية كل ساعة، أو يستمر نزيفها لمدة 10 أيام. |
Hypomenorrhea (نقص الطمث) | نزيف حيض خفيف جداً أو ضئيل. | امرأة يكون نزيفها مجرد بقع قليلة جداً لمدة يوم أو يومين فقط. |
Intermenstrual Bleeding (النزيف بين الدورات) | نزيف أو تبقيع يحدث في أي وقت بين فترات الحيض المنتظمة. | امرأة تلاحظ نزول دم خفيف في منتصف دورتها الشهرية. |
Menometrorrhagia (غزارة الطمث مع عدم الانتظام) | نزيف غزير يحدث في أوقات غير منتظمة وغير متوقعة. | امرأة تعاني من نوبات نزيف غزيرة تأتي بشكل عشوائي دون نمط محدد. |
Dysmenorrhea (عسر الطمث) | آلام شديدة وتقلصات مؤلمة أثناء الدورة الشهرية. | امرأة تعاني من آلام شديدة في أسفل البطن تمنعها من ممارسة أنشطتها اليومية أثناء الدورة، وقد تكون دورتها غير منتظمة أيضاً. |
يوضح هذا الجدول المصطلحات الطبية المختلفة المستخدمة لوصف أنماط عدم انتظام الدورة، مما يساعد في فهم أدق للحالة.
أعراض عدم انتظام الدورة الشهرية
إنّ أعراض عدم انتظام الدورة الشهرية لهي تتجاوز في حقيقة الأمر مجرد ما يُعرَف بـ "نزيف غير منتظم"، بل إنها لتشمل طيفاً هو غاية في الاتساع من العلامات التي من شأنها أن تُوَجِّهَ المسار نحو التشخيص الدقيق كل الدقة. وإنّ عملية ربط هذه الأعراض عينها، بما في ذلك تلكم الأعراض المصاحبة مثل ظاهرة نمو الشعر الزائد التي تُلاحَظ في حالات متلازمة تكيس المبايض أو ذلك الخفقان في القلب الذي يظهر في اضطرابات الغدة الدرقية، بمختلف الأسباب المحتملة، هو الأمر الذي يمنَح المرأة فهماً هو أعمق لحالتها، وهو كذلك يُشجِّع على المراقبة الذاتية الدقيقة كل الدقة، فضلاً عن تقديم معلومات شاملة وافية للطبيب.
تغيرات في توقيت الدورة
إنّ الانحرافات التي تطرأ على المواعيد المعتادة للدورة الشهرية تُعَدُّ بحق من أبرز المؤشرات التي تنبئ عن وجود اضطراب ما. وهذه التغيرات ذاتها قد تكون في بعض الأحيان طفيفة وعابرة، أو أنها قد تشير إلى مشكلة هي في جوهرها كامنة تستدعي - دون إبطاء - تقييماً طبياً متخصصاً بغية تحديد أسبابها الكامنة.
تشمل هذه الانحرافات الزمنية الملحوظة ما يلي:
- دورات أقصر من 21 يومًا أو أطول من 35-38 يومًا
- غياب الدورة لثلاث فترات حيض متتالية أو أكثر
- تغير مفاجئ وغير مبرر في نمط الدورة المنتظمة سابقًا
- تباين كبير في طول الدورة يتجاوز 7-9 أيام
وهذه التغيرات عينها إنما تشمل تلك الدورات التي تأتي على فترات هي في حقيقتها متقاربة جداً (أي أقل من 21 يوماً) أو تلكم التي تكون متباعدة جداً (أي أكثر من 35-38 يوماً). كما أنّ غياب الدورة الشهرية لفترة ثلاث فترات حيض تُعَدُّ متتالية أو أكثر – مع الأخذ في الاعتبار استبعاد الحمل أو الرضاعة أو بلوغ سن اليأس – هو كذلك يعَدُّ علامةً هامةً جديرةً بالاعتبار.
وبالإضافة إلى ذلك كله، فإنّ أي تغير يُوصَف بأنه مفاجئ في نمط الدورة بعد أن كانت منتظمة فيما سلف، أو حتى مجرد وجود تباين كبير يُلحَظ في طول الدورة من شهر إلى الذي يليه، كل ذلك هو مما يستدعي الانتباه اللازم.
تغيرات في طبيعة النزيف
أما التحولات التي تطرأ على كمية الدم المفقود خلال الدورة الشهرية وكذا على طول مدة النزيف، فإنها تُعتَبَر من الأعراض الجوهرية التي من شأنها أن تشير دلالة واضحة إلى عدم انتظامها. وإنّ هذه التغيرات ذاتها لا يقتصر تأثيرها على مجرد راحة المرأة اليومية، بل إنها لتكون في كثير من الأحيان دلالة جلية على حالات صحية هي في طبيعتها كامنة تستوجب التشخيص العاجل والعلاج الفوري دون تأخير.
تتجلى هذه التحولات في طبيعة النزيف عبر المظاهر التالية:
- نزيف أغزر بكثير من المعتاد.
- نزيف أخف بكثير من المعتاد أو تبقيع خفيف.
- استمرار النزيف لأكثر من 7-8 أيام.
- وجود تجلطات دموية كبيرة.
- نزيف أو تبقيع بين الدورات المنتظمة.
- أي نزيف مهبلي بعد انقطاع الطمث.
- نزيف مهبلي بعد الجماع مباشرة.
وذلك إنما يشمل النزيف الذي يكون بحق أغزر بكثير من المعتاد، إلى درجة أنه قد يتطلب تغيير الفوط الصحية بشكل هو في الواقع متكرر، أو يشمل على العكس من ذلك، نزيفاً هو أخف بكثير من المعتاد. كما أنّ استمرار النزيف لفترة تتجاوز سبعة إلى ثمانية أيام، أو مجرد ملاحظة تجلطات دموية توصف بأنها كبيرة، أو حتى حدوث أي نزيف يقع بين الدورات، أو ذلك الذي يظهر بعد انقطاع الطمث، أو النزيف الذي يعقب الجماع مباشرة، كل هذه إنما هي علامات تستدعي دون شك التقييم الطبي.
أعراض مصاحبة أخرى
وقد يحدث أن تترافق التغيرات المشهودة في الدورة الشهرية مع طيف ليس بالقليل من الأعراض الإضافية التي هي جديرة بأن تستدعي الانتباه، بل وقد تكون هذه الأعراض بذاتها مؤشراً هو غاية في المباشرة على الأسباب الكامنة وراء عدم الانتظام. وإنه لمن الضروري بمكان العمل على التمييز الدقيق بين ذلك الانزعاج الذي يُعَدُّ طبيعياً والذي قد يصاحب الدورة في طورها المعتاد، وبين تلكم الأعراض التي تُوصَف بأنها مَرَضية والتي من شأنها أن تؤثّر تأثيراً سلبياً على الأنشطة اليومية والتي تستلزم بغير توانٍ تقييماً طبياً.
تتضمن هذه الأعراض الإضافية التي قد تظهر ما يلي:
- آلام شديدة أو تقلصات حادة أسفل البطن.
- إعياء عام وإرهاق مستمر.
- أعراض مرتبطة بأسباب كامنة محددة.
- إفرازات مهبلية غير طبيعية.
- حمى وإعياء شديد بعد استخدام التامبون.
وذلك يشمل بطبيعة الحال الشعور بآلام توصف بأنها شديدة أو تقلصات هي الأخرى حادة في منطقة أسفل البطن، وهي آلام وتقلصات قد تشير في بعض الحالات إلى حالات مرضية مثل بطانة الرحم المهاجرة. كما أنّ الشعور بالإعياء العام وذلك الإرهاق المستمر قد يكون كل منهما مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بفقر الدم الذي يكون ناجماً عن النزيف الغزير.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإنه قد تظهر أعراض هي مرتبطة بشكل مباشر تماماً بالأسباب الكامنة، ومن أمثلة ذلك زيادة نمو الشعر وظهور حب الشباب (وذلك في حالات متلازمة المبيض متعدد الكيسات)، أو ما يُلاحَظ من تغيرات في الوزن وذلك الخفقان في القلب (وهذا في اضطرابات الغدة الدرقية). وإنّ الإفرازات المهبلية التي تُعتَبَر غير طبيعية أو تلك الحمى وذلك الإعياء الشديد اللذين قد يظهران بعد استخدام السدادات القطنية، كل أولئك علامات تستدعي بحق تدخلاً طبياً هو في طبيعته فوري.
الأسباب الشائعة لعدم انتظام الدورة الشهرية
إِنَّ العوامل التي من شأنها أن تؤدي إلى اضطراب انتظام الدورة الشهرية لهي عوامل تتعدد حقاً، ويمكن تصنيفها إلى فئات عدة؛ فمنها ما هو تغيرات هرمونية طبيعية هي تلك التي تحدث في مراحل معينة من حياة المرأة، ومنها ما هو عوامل تتعلق تعلقاً مباشراً بنمط الحياة اليومي وما للمرأة من عادات صحية، زد على ذلك حالات طبية قد تكون كامنة وهي حالات تتطلب تشخيصاً دقيقاً وعلاجاً لا يكون إلا متخصصين، وهذا كله بالإضافة إلى ما لبعض الأدوية والمستحضرات الصيدلانية من تأثير لا يُستهان به.
وإِنَّ فهم هذه الأسباب على ما هي عليه من تنوع لَيساعد مساعدة كبيرة في توجيه دفة عملية التشخيص صوب السبب الجذري للمشكلة، ومن ثَمَّ التوصل إلى وضع خطة علاجية تكون مناسبة وفعالة كل الفعالية. ومن المهم جداً إدراك أن الأسباب قد تتداخل وتتشابك في بعض الأحيان؛ فعلى سبيل المثال، تُعتَبر السمنة (وهي عامل لا شك مرتبط بنمط الحياة) أحد عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بمتلازمة المبيض متعدد التكيسات (وهي حالة طبية كما هو معلوم)، وكلاهما، أي السمنة وهذه المتلازمة، يمكن أن يؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية.
وهذا التداخل بعينه ليسلط الضوء على حقيقة أن التعامل مع بعض حالات عدم انتظام الدورة قد يتطلب الأخذ بنهج علاجي متعدد الجوانب، نهج يستهدف أكثر من عامل واحد في آن واحد.
التغيرات الهرمونية الطبيعية
تمر المرأة، شأنها شأن كل إنسان، بمراحل انتقالية في حياتها، وهذه المراحل قد يصاحبها بشكل طبيعي تماماً عدم انتظام في الدورة الشهرية، وما ذلك إلا نتيجة للتقلبات الهرمونية الفسيولوجية. وإِنَّ هذه التغيرات لهي تُعتَبر جزءاً لا يتجزأ من التطور الطبيعي للجسم أو هي علامة على الانتقال بين مراحل الحياة المختلفة، وهي في معظم الأحيان لا تستدعي أي قلق، ولكنها مع ذلك تتطلب فهماً لطبيعتها الخاصة ولما لها من تأثير على انتظام الدورة.
وتتضمن أبرز هذه المراحل الانتقالية ما يلي ذكره:
- مرحلة البلوغ.
- الحمل والرضاعة الطبيعية.
- مرحلة ما قبل انقطاع الطمث (Perimenopause).
فعند بدء الدورات الشهرية لأول مرة في مرحلة البلوغ، فإنه كثيراً ما تكون هذه الدورات غير منتظمة إلى أن تستقر الهرمونات وتأخذ وضعها الطبيعي. كما أن غياب الدورة الشهرية لهو أمر طبيعي أثناء فترة الحمل، ومن المعلوم أن الرضاعة الطبيعية تُؤخِّر عودتها بعد الولادة. وفي مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، فإن التقلبات الهرمونية هي التي تؤدي بشكل شائع ومعروف إلى عدم انتظام الدورة.
عوامل نمط الحياة
يمكن، بل ومن المؤكد، أن يكون لأسلوب الحياة اليومي وما للمرأة من عادات تأثير ملحوظ ومباشر كل الملاحظة وكل المباشرة على انتظام دورتها الشهرية. والعديد من هذه العوامل هي ما يؤثر بشكل مباشر أو حتى غير مباشر على ذلك التوازن الهرموني الدقيق الذي يحكم الدورة الشهرية، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى اضطرابها وحدوث تغيرات في نمطها المعتاد.
وتشتمل العوامل المتعلقة بنمط الحياة، تلك التي قد تؤثر على انتظام الدورة، على ما يلي:
- التوتر والقلق
- التغيرات الكبيرة في الوزن (سواء بالزيادة أو بالنقصان)
- اضطرابات الأكل
- التمارين الرياضية المفرطة أو الخمول الزائد
- أنماط النوم غير المنتظمة
- النظام الغذائي غير الصحي
وإنه ليُعتَبر التوتر النفسي الشديد، والتغيرات الكبيرة في الوزن، وكذلك اضطرابات الأكل، والتمارين الرياضية التي تتجاوز حد الاعتدال أو الخمول الذي يقل عنه، وأنماط النوم التي لا تعرف الانتظام، والنظام الغذائي الذي يفتقر إلى الصحة، كلها مجتمعة عوامل يمكن لها أن تعطل التوازن الهرموني وأن تؤدي بالتالي إلى عدم انتظام الدورة.
وقد ربطت الدراسات العلمية فعلاً بين زيادة مؤشر كتلة الجسم، وبين النوم القصير، وبعض العادات الغذائية غير الصحية، وبين زيادة خطر حدوث اضطرابات الدورة.
الحالات الطبية
توجد، في واقع الأمر، العديد من الحالات المرضية التي يمكن أن تكون هي السبب الجذري الكامن وراء عدم انتظام الدورة الشهرية، ومثل هذه الحالات هي مما يتطلب تشخيصاً بالغ الدقة وعلاجاً يكون متخصصاً. ومن الضروري بمكان التمييز بين الأسباب الشائعة وتلك الأسباب النادرة، ولكنها قد تكون على ندرتها خطيرة، الأمر الذي يؤكد تأكيداً شديداً على أهمية الاستشارة الطبية الفورية عند ملاحظة أي تغيرات قد تكون مقلقة في الدورة.
وتتضمن أبرز هذه الحالات الطبية، التي قد يكون لها تأثير على انتظام الدورة، ما يلي سرده:
- متلازمة المبيض متعدد التكيسات (PCOS)
- اضطرابات الغدة الدرقية (سواء فرط النشاط أو قصوره)
- الأورام الليفية الرحمية (Uterine Fibroids)
- الزوائد اللحمية (البوليبات) في بطانة الرحم
- مرض التهاب الحوض (PID)
- عضال غدي رحمي (Adenomyosis)
- فشل المبايض المبكر (POI)
- بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)
- اضطرابات التبويض (أو ما يُعرف بالدورة اللاإباضية)
- اضطرابات تخثر الدم (Coagulopathies)
- بعض أنواع السرطان (وهو أمر نادر ولكنه خطير)
- مرض السكري
- ارتفاع هرمون البرولاكتين (Hyperprolactinemia)
وتُعَدّ متلازمة المبيض متعدد التكيسات واحدة من أكثر الاضطرابات الهرمونية شيوعاً بين النساء. كما أن اضطرابات الغدة الدرقية، والأورام الليفية، وكذلك الزوائد اللحمية، ومرض التهاب الحوض، والعضال الغدي الرحمي، وبطانة الرحم المهاجرة، وحالة فشل المبايض المبكر، واضطرابات التبويض، واضطرابات تخثر الدم، وبعض أنواع السرطان، ومرض السكري، وأيضاً ارتفاع البرولاكتين، كلها حالات يمكن لها أن تسبب عدم انتظام الدورة.
الأعراض | الوصف | كيف تؤثر على الدورة أو ترتبط بها |
---|---|---|
عدم انتظام الدورة الشهرية | دورات متباعدة جداً (قلة الطمث)، أو غياب الدورة تمامًا (انقطاع الطمث)، أو نزيف غير منتظم. | نتيجة مباشرة لعدم انتظام أو غياب التبويض بسبب الخلل الهرموني. |
نمو الشعر الزائد (الشعرانية) | ظهور شعر داكن وخشن في مناطق عادةً ما يكون فيها الشعر خفيفًا عند الإناث، مثل الوجه (الذقن والشارب)، والصدر، والظهر، والبطن. | ينتج عن ارتفاع مستويات هرمونات الأندروجين (الهرمونات الذكرية) في الجسم، وهو سمة مميزة للمتلازمة. |
حَبّ الشباب (Acne) | ظهور حب الشباب بكثرة، خاصة في منطقة الوجه والظهر والصدر، وقد يكون مقاومًا للعلاجات التقليدية. | يرتبط أيضًا بارتفاع مستويات الأندروجينات التي تزيد من إفراز الدهون في الجلد. |
زيادة الوزن أو السمنة | صعوبة في فقدان الوزن أو ميل لزيادة الوزن، خاصة في منطقة البطن. | شائع جدًا في متلازمة تكيس المبايض، ويرتبط غالبًا بمقاومة الأنسولين، والتي بدورها يمكن أن تفاقم الخلل الهرموني واضطرابات الدورة. |
تكيسات متعددة على المبايض | وجود العديد من الجريبات الصغيرة (التي تبدو كتكيسات) على سطح المبيضين، ويمكن رؤيتها بواسطة فحص الموجات فوق الصوتية. | هذه ليست "أكياسًا" بالمعنى التقليدي، بل هي جريبات لم تتمكن من النضوج وإطلاق البويضة بسبب الخلل الهرموني، مما يؤدي إلى فشل التبويض وعدم انتظام الدورة. |
ترقق الشعر أو تساقطه (الصلع ذو النمط الذكوري) | تساقط الشعر من فروة الرأس، مشابه للصلع الذي يصيب الرجال. | عرض آخر لارتفاع مستويات الأندروجينات. |
بقع داكنة على الجلد (الشواك الأسود) | ظهور بقع جلدية داكنة وسميكة ومخملية الملمس، غالبًا في ثنايا الجلد مثل الرقبة والإبطين وتحت الثديين. | علامة على مقاومة الأنسولين، وهي شائعة جدًا في متلازمة تكيس المبايض وترتبط بالاضطرابات الهرمونية. |
الأدوية
يمكن للعديد من المستحضرات الصيدلانية، وهي كثيرة، أن تؤثر على الدورة الشهرية وأن تسبب عدم انتظامها، وذلك كأحد آثارها الجانبية التي قد تكون غير مرغوب فيها. ومن الضروري جداً إبلاغ الطبيب المعالج بجميع الأدوية والمكملات الغذائية التي تتناولها المرأة عند الشروع في تقييم أي تغيرات تطرأ على دورتها الشهرية، وما ذلك إلا لتحديد ما إذا كان دواء بعينه هو السبب المحتمل لهذا الاضطراب.
وتتضمن قائمة الأدوية التي قد يكون لها تأثير مشاهد على انتظام الدورة ما يلي تفصيله:
- بعض أنواع وسائل منع الحمل الهرمونية
- العلاج الهرموني البديل (HRT)
- مضادات التخثر (أو ما يُعرف بمميعات الدم)
- الستيرويدات القشرية (Corticosteroids)
- أدوية العلاج الكيميائي للسرطان
- أدوية الغدة الدرقية (وذلك بجرعات قد تكون غير مناسبة)
- بعض مضادات الذهان وكذلك بعض مضادات الاكتئاب
- أدوية أخرى (مثل بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم وكذلك الأفيونيات)
وإِنَّ البدء في استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية أو حتى التوقف عنها لمن الأسباب الشائعة لحدوث التغيرات في نمط الدورة. كما يمكن أيضاً للعلاج الهرموني البديل، ولمضادات التخثر، وللستيرويدات القشرية، ولأدوية العلاج الكيميائي، ولأدوية الغدة الدرقية (وذلك إذا كانت الجرعة المعطاة غير مناسبة)، ولبعض مضادات الذهان ومضادات الاكتئاب، أن تسبب اضطرابات عدة في الدورة الشهرية.
فئة السبب | أبرز الأمثلة | آلية التأثير المحتملة (مبسطة) |
---|---|---|
تغيرات هرمونية طبيعية | البلوغ، الحمل والرضاعة، فترة ما قبل انقطاع الطمث. | تقلبات أو تغيرات فسيولوجية في مستويات الهرمونات (الإستروجين، البروجستيرون، البرولاكتين). |
عوامل نمط الحياة | التوتر الشديد، التغيرات الكبيرة في الوزن (سمنة/نحافة)، اضطرابات الأكل، التمارين المفرطة/الخمول، سوء التغذية، اضطراب النوم. | التأثير على محور الدماغ-المبيض، تعطيل التوازن الهرموني، التأثير على التبويض. |
حالات طبية | متلازمة المبيض متعدد التكيسات (PCOS)، اضطرابات الغدة الدرقية، الأورام الليفية، الزوائد اللحمية الرحمية، مرض التهاب الحوض (PID)، عضال غدي رحمي، فشل المبايض المبكر، بطانة الرحم المهاجرة، اضطرابات التبويض، اعتلالات التخثر، بعض أنواع السرطان، السكري، ارتفاع البرولاكتين. | خلل هرموني مباشر، أو تأثير هيكلي على الرحم أو المبيض، أو التهاب، أو اضطراب في آلية التبويض أو تخثر الدم. |
الأدوية | وسائل منع الحمل الهرمونية، العلاج الهرموني البديل، مضادات التخثر، الستيرويدات، العلاج الكيميائي، أدوية الغدة الدرقية (جرعات غير مناسبة)، بعض مضادات الذهان/الاكتئاب. | التأثير على مستويات الهرمونات، أو آلية التبويض، أو بطانة الرحم، أو قدرة الدم على التجلط. |
تشخيص عدم انتظام الدورة الشهرية
إِنَّ تشخيص سبب عدم انتظام الدورة الشهرية لهو عمليةٌ دقيقةٌ كل الدقة، وهي عمليةٌ تتطلب بالضرورة نهجاً متدرجاً، يبدأ في العادة بتقييم شامل للتاريخ الطبي وللأعراض معاً، يليه بعد ذلك فحص بدني، ثم هو ينتقل إلى الفحوصات المخبرية والتصويرية، بل وقد يتطلب الأمر في بعض الحالات إجراءات هي أكثر تخصصاً.
وَإِنَّ الهدف من هذه العملية برمتها لهو استبعاد الأسباب المحتملة كافة، ومن ثم تأكيد التشخيص الدقيق للحالة الكامنة، الأمر الذي من شأنه أن يمهد الطريق لوضع خطةٍ علاجيةٍ تكون مناسبةً وفعالةً. ومما هو جدير بالتأكيد عليه في هذا الموضع، أنه ليس كل امرأة تعاني من عدم انتظام الدورة ستحتاج إلى الخضوع لجميع هذه الاختبارات دون استثناء؛ فالطبيب المعالج هو الذي يقرر كنه الاختبارات اللازمة، وذلك بناءً على تقييمه الخاص للحالة الفردية، وبالنظر إلى الأعراض الموجودة، فضلاً عن عوامل الخطر المحيطة.
أهمية تتبع الدورة الشهرية
أما المراقبة الذاتية وتدوين تفاصيل الدورة الشهرية، فإنهما يُعدَّانِ بحق خطوةً أوليةً بالغةَ الأهمية في صميم عملية التشخيص، حيث إنهما يمكنان المرأة من تقديم معلومات هي على قدر كبير من الدقة للطبيب. وهذه المعلومات عينها التي تجمعها المرأة بنفسها هي التي تقدم للطبيب صورةً واضحةً عن نمط عدم الانتظام الحاصل، كما أنها تساعد أيّما مساعدة في توجيه الأسئلة التشخيصية بشكل فعال.
وعليه، يُنصَح كل النصح بتسجيل البيانات التالية الذكر بانتظام، وذلك لتقديمها إلى الطبيب:
- تاريخ بدء وانتهاء كل دورة
- تقدير كمية النزيف (خفيف، أم متوسط، أم غزير)
- أيّ أعراض مصاحبة (ألم، أو تبقيع، أو تغيرات مزاج)
ويمكن في هذا السياق استخدام مفكرة ورقية بسيطة، أو حتى الاستعانة بما هو متاح من تطبيقات الهواتف الذكية التي تكون مصممةً خصيصاً لهذا الغرض. ولا ريب في أنَّ هذا السجل الدقيق من شأنه أن يوفر للطبيب صورةً واضحةً عن طبيعة المشكلة، وأن يساعد في تحديد نمط عدم الانتظام، مما يساهم بدوره في الوصول إلى تشخيص دقيق بشكل أسرع.
التاريخ الطبي الشامل والسؤال عن الأعراض
يقوم الطبيب، في هذا الإطار، بجمع معلومات مفصلة حول التاريخ الصحي للمرأة وحول أعراضها، وهو أمرٌ يكتسب صفة الأساس في تحديد العوامل المحتملة التي قد تساهم في حدوث عدم انتظام الدورة الشهرية. وإنَّ هذا التقييم الشامل لهو الذي يوجه اختيار الفحوصات اللازمة، كما أنه يساعد في بناء صورة متكاملة عن الحالة الصحية العامة للمرأة وعن تاريخها المرضي.
وتشمل الجوانب التي يركز عليها الطبيب عند أخذ التاريخ الطبي ما يأتي:
- تفاصيل دقيقة ومستفيضة حول الدورة الشهرية (بما في ذلك العمر عند مرحلة البلوغ، والنمط السابق لها، فضلاً عن النمط الحالي).
- كافة الأعراض المصاحبة (سواء أكانت ألماً، أم نزيفاً يقع بين الدورات، أم أيّ نوع من أنواع الإفرازات).
- مجمل التاريخ الصحي العام (متضمناً أيّ أمراض مزمنة، أو أيّ عمليات جراحية سابقة).
- كامل التاريخ الإنجابي (من حيث وقائع حملٍ أو ولادةٍ أو إجهاضٍ أو حتى رضاعة).
- بيان الأدوية المستخدمة (بما في ذلك أيّ وسائل لمنع الحمل وأيّ مكملات غذائية).
- طبيعة نمط الحياة المتبع (من حيث مستويات التوتر، والنظام الغذائي المعتاد، وممارسة الرياضة، وتقلبات الوزن، وجودة النوم).
- معلومات وافية عن التاريخ العائلي (فيما يخص أيّ حالات مشابهة، أو أيّ أمراض قد تكون وراثية).
- ذكر أيّ أعراض جهازية أخرى (مثل فقدان وزنٍ غير مبرر، أو تعبٍ مستمر، أو ارتفاع في درجة الحمى).
وبالفعل يستفسر الطبيب عن تفاصيل هي في غاية الدقة حول الدورة الشهرية، وعن الأعراض المصاحبة لها، وكذلك عن التاريخ الصحي العام والإنجابي. كما أنه يهتم أيّما اهتمام بمعرفة الأدوية المستخدمة، وعوامل نمط الحياة المختلفة، والتاريخ العائلي لأمراض قد تكون مشابهة، فضلاً عن أيّ أعراض جهازية أخرى قد تكون لها صلة بالحالة.
الفحص البدني
عقب استعراض التاريخ الطبي، يُجري الطبيب فحصاً بدنياً شاملاً، وذلك لتقييم الحالة الصحية العامة والبحث عن أيّ علامات قد تشير إلى سبب عدم انتظام الدورة. وإنَّ هذا الفحص ليُعدّ جزءاً لا يتجزأ من عملية التشخيص المتكاملة، وهو يهدف إلى الكشف عن أيّ مؤشرات جسدية تكون ذات صلة.
ويتضمن الفحص البدني عادةً الخطوات التالية لتقييم الحالة وتقويمها:
- قياس دقيق للعلامات الحيوية (من ضغط الدم، ومعدل النبض، ودرجة الحرارة).
- تقييم عام وشامل (يشمل الوزن، والطول، ومؤشر كتلة الجسم).
- فحص متخصص وموجه للبحث عن علامات محددة بعينها.
- إجراء فحص للبطن.
- ثم فحص الحوض (سواء أكان ذلك بالمنظار المهبلي أم بكلتا اليدين).
وعليه، يتم قياس العلامات الحيوية وإجراء تقييم عام للجسم. ثم بعد ذلك يتم إجراء فحص متخصص يكون الغرض منه البحث عن علامات بعينها، مثل تضخم الغدة الدرقية، أو علامات زيادة هرمونات الأندروجين، أو علامات مقاومة الأنسولين، أو حتى علامات فقر الدم. كما أنه يتم فحص البطن، ويُعدّ فحص الحوض في هذا السياق جزءاً أساسياً لتقييم الأعضاء التناسلية.
الفحوصات المخبرية
بناءً على تلك المعلومات المستقاة من التاريخ الطبي ومن الفحص البدني، فإنه قد يوصي الطبيب بإجراء مجموعة من الفحوصات المخبرية. وإنَّ هذه الاختبارات لهي التي توفر بيانات دقيقة حول الحالة الهرمونية وحول الصحة العامة للمرأة، كما أنها تساعد في تحديد السبب الكامن وراء عدم انتظام الدورة، وتعمل على توجيه الخطة العلاجية.
وتشمل الفحوصات المخبرية الشائعة التي قد تُطلب ما يلي:
- إجراء اختبار الحمل.
- طلب تحاليل الدم الشاملة (CBC).
- قياس مستويات الهرمونات المختلفة (كهرمونات الغدة الدرقية، وهرمون البرولاكتين، والهرمونات التناسلية، ومجموعة الأندروجين، وهرمون البروجستيرون).
- تقييم مخزون الحديد في الجسم (عن طريق الفيريتين).
- إجراء اختبارات التخثر.
- وقد تُطلَب اختبارات أخرى (مثل اختبار سكر الدم).
وإنه ليُعتَبر اختبار الحمل الخطوة الأولى في جميع الأحوال. كما يُجرَى تعداد الدم الكامل لتقييم حالة فقر الدم. وتشمل تحاليل الهرمونات عمليات قياس مستويات هرمونات الغدة الدرقية، وهرمون البرولاكتين، والهرمونات التناسلية، والأندروجينات، وكذلك هرمون البروجستيرون. كما أنه يُقاس مخزون الحديد، وقد تُطلب في بعض الأحيان اختبارات التخثر أو اختبارات أخرى مثل سكر الدم، وذلك بناءً على الحالة الخاصة.
الفحوصات التصويرية
أما الفحوصات التصويرية، فإنها تُستخدم بغرض الحصول على رؤية واضحة للأعضاء التناسلية الداخلية، وللبحث عن أيّ تشوهات هيكلية قد تكون هي المسؤولة عن عدم انتظام الدورة. وإنَّ هذه الفحوصات لتلعب دوراً حاسماً في تأكيد التشخيص وفي توجيه الخطة العلاجية المناسبة، كما أنها تساعد في استبعاد أو تأكيد وجود أسباب بنيوية.
وتتضمن الفحوصات التصويرية المستخدمة عادةً لتقييم الحالة ما يأتي:
- الموجات فوق الصوتية للحوض (Transvaginal Ultrasound)
- تصوير الرحم بالصبغة أو بالسوائل (Sonohysterography / SIS)
وإنه ليُعدّ فحص الموجات فوق الصوتية للحوض، وبخاصة ذلك الذي يتم عبر المهبل، في غالب الأمر أول فحص تصويري يتم إجراؤه، وهو فحص يمكنه الكشف عن الأورام الليفية، وعن الزوائد اللحمية، وكذلك عن تكيسات المبيض. أما تصوير الرحم بالصبغة أو بالسوائل، فإنه يتم خلاله حقن محلول ملحي في الرحم، وذلك لتوفير رؤية هي أوضح لبطانة الرحم ولأيّ نموات قد تكون داخل التجويف، وهو إجراءٌ مفيدٌ لتشخيص الحالات الدقيقة.
إجراءات أخرى
في بعض الحالات، بل ربما في حالات ليست بالقليلة، قد تستدعي الحاجة إجراءات تشخيصية هي أكثر تخصصاً أو حتى توغلاً، وذلك لتحديد سبب عدم انتظام الدورة الشهرية بمنتهى الدقة، ولا سيما إذا لم تكن الفحوصات الأولية كافية أو إذا كان ثمة اشتباه في حالات معينة تتطلب فحصاً مباشراً للأنسجة أو لتجويف الرحم. وإنَّ هذه الإجراءات لهي التي تساعد في الحصول على تشخيص نهائي وفي توجيه العلاج.
وتشمل هذه الإجراءات الإضافية التي قد يلجأ إليها الطبيب ما يلي:
- خزعة بطانة الرحم (Endometrial Biopsy)
- تنظير الرحم (Hysteroscopy)
- التوسيع والكحت (Dilatation and Curettage - D&C)
فأما خزعة بطانة الرحم، فإنها تُجرَى لأخذ عينة من نسيج بطانة الرحم، وذلك لفحصها مجهرياً، وبخاصة لاستبعاد سرطان بطانة الرحم. وأما تنظير الرحم، فإنه يسمح للطبيب بالنظر مباشرة إلى داخل تجويف الرحم، وذلك لتشخيص حالات مثل الزوائد اللحمية أو الأورام الليفية. وأما التوسيع والكحت، فإنه يُستخدم في بعض الأحيان لأغراض تكون تشخيصية أو علاجية، ولكنه قد أصبح أقل شيوعاً مما كان عليه في السابق.
نظام تصنيف PALM-COEIN لأسباب النزيف الرحمي غير الطبيعي (AUB)
إِنَّ نظام PALM-COEIN ليُعدّ إطاراً معيارياً ذا أهمية بالغة، وهو نظام قد تم تطويره من قبل الاتحاد الدولي لأمراض النساء والتوليد (FIGO)، وكان الهدف من ذلك توحيد المصطلحات وتسهيل عملية التشخيص وكذلك العلاج المنهجي لحالات النزيف الرحمي غير الطبيعي. ويقوم هذا النظام بتصنيف الأسباب المحتملة للنزيف إلى فئتين رئيسيتين:
- أسباب هيكلية (PALM)،
- وأسباب أخرى غير هيكلية (COEIN).
ولشرحها بشكل مبسط، نقدم لكِ الجدول التالي:
الحرف | المصطلح باللغة الإنجليزية | معناه باللغة العربية | وصف موجز للسبب |
---|---|---|---|
P | Polyp | زائدة لحمية (بوليب) | نمو حميد (عادةً) يبرز من بطانة الرحم أو عنق الرحم. |
A | Adenomyosis | عضال غدي رحمي | نمو نسيج بطانة الرحم داخل الجدار العضلي للرحم. |
L | Leiomyoma | ورم ليفي رحمي | ورم حميد ينشأ من النسيج العضلي للرحم (يُعرف أيضًا بالورم العضلي الأملس). |
M | Malignancy and hyperplasia | خباثة وتضخم | وجود سرطان (مثل سرطان بطانة الرحم أو عنق الرحم) أو تغيرات ما قبل سرطانية (مثل تضخم بطانة الرحم غير النمطي). |
C | Coagulopathy | اعتلالات التخثر | اضطرابات في قدرة الدم على التجلط بشكل طبيعي (مثل مرض فون ويلبراند). |
O | Ovulatory dysfunction | خلل وظيفي في التبويض | عدم انتظام أو غياب عملية التبويض (مثلما يحدث في متلازمة المبيض متعدد التكيسات، أو اضطرابات الغدة الدرقية، أو بسبب التوتر الشديد). |
E | Endometrial | اضطرابات بطانة الرحم الأولية | مشاكل في بطانة الرحم نفسها لا تندرج تحت الفئات الأخرى (مثل التهاب بطانة الرحم، أو اضطرابات موضعية في آليات وقف النزيف). |
I | Iatrogenic | أسباب علاجية المنشأ | نزيف ناتج عن تدخل طبي أو علاجي (مثل استخدام بعض الأدوية كهرمونات منع الحمل أو مضادات التخثر، أو استخدام اللولب الرحمي). |
N | Not yet classified | غير مصنفة إلى الآن | أسباب نادرة أو غير معروفة للنزيف الرحمي غير الطبيعي لا تندرج تحت أي من الفئات السابقة. |
وإِنَّ هذا النظام لهو الذي يوفر بالفعل تصنيفاً شاملاً لأَسباب النزيف الرحمي غير الطبيعي، الأمر الذي من شأنه أَن يساعد الأَطباء على تحديد ذلك النهج التشخيصي والعلاجي الذي يكون حقاً مناسباً لكل حالةٍ من الحالات.
ولا شك في أنَّ فهم هذا النظام من شأنه أن يساعد المرأة على استيعاب الكيفية التي يفكر بها الأطباء في تصنيف أسباب مشكلتها، كما أنه يعزز من ثقتها في النهج التشخيصي المتبع.
علاج عدم انتظام الدورة الشهرية
إنَّ علاج عدم انتظام الدورة الشهرية ليستمد أصوله بشكل أساسي من تحديد السبب الكامن وراء هذا الاضطراب بعينه. فلا يوجد، والحق يُقال، علاج واحد يناسب جميع الحالات، بل يجب كل الوجوب أن تكون الخطة العلاجية إنما هي مخصصة لكل امرأة بناءً على تشخيصها الدقيق، وعلى عمرها، فضلاً عن شدة الأعراض التي تعاني منها، ورغبتها الكامنة في الحمل في المستقبل، وحالتها الصحية العامة التي هي عليها.
وفي غالب الأمر، فإنَّ النهج العلاجي ليتخذ مساراً متدرجاً، حيث تبدأ الخيارات التي تُعد أقل توغلاً، كتعديلات نمط الحياة وبعض الأدوية، وذلك قبل اللجوء إلى أي تدخلات جراحية، وهي تدخلات تُحفظ عادةً للحالات التي توصف بأنها أكثر تعقيداً أو تلك التي لا تُبدي استجابة للعلاجات الأخرى.
تعديل أسلوب الحياة
في العديد من الحالات، ولا سيما تلك المرتبطة بعوامل نمط الحياة أو ببعض الحالات الطبية التي تُعرف بأنها خفيفة، يمكن بحق أن تكون التغييرات في نمط الحياة بمثابة الخطوة العلاجية الأولى، أو أن تشكل جزءاً أصيلاً لا يتجزأ من خطة علاجية يُراد لها أن تكون شاملة. وتهدف هذه التعديلات في جوهرها إلى استعادة ذلك التوازن الهرموني الطبيعي في الجسم، وإلى تحسين الصحة العامة بشكل عام، وهو الأمر الذي قد ينعكس انعكاساً إيجابياً على انتظام الدورة.
وتتضمن أبرز هذه التعديلات التي يمكن للمرأة أن تعمل على تبنيها ما يلي:
- النظام الغذائي المتوازن
- الحفاظ على وزن صحي
- ممارسة الرياضة المعتدلة والمنتظمة
- إدارة التوتر والقلق
- الحصول على قسط كافٍ من النوم
وعليه، فإنه يُنصح كل النصح باتباع نظام غذائي يوصف بأنه صحي ومتوازن، وبالحرص على الحفاظ على وزن صحي، وبالمداومة على ممارسة الرياضة المعتدلة والمنتظمة، وبالسعي نحو إدارة التوتر والقلق إدارة فعالة، وبالعمل على الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد. إنَّ هذه التعديلات مجتمعة يمكن لها أن تساعد أيما مساعدة في تنظيم الدورة الشهرية وفي تحسين الصحة العامة، بل وقد تكون في بعض الحالات كافية لاستعادة ما فُقد من انتظام الدورة.
العلاجات الدوائية
وفي هذا السياق تُستخدم طائفة متنوعة من الأدوية في سبيل معالجة عدم انتظام الدورة الشهرية، على أن اختيار الدواء المناسب ليعتمد اعتماداً كلياً على السبب الأساسي للمشكلة، وعلى الأعراض المصاحبة لها، فضلاً عما إذا كانت المرأة المعنية تخطط للحمل أم لا. أما الغاية من هذه العلاجات فتتمثل في تنظيم الدورة، وفي تقليل النزيف، وكذلك في تخفيف الأعراض التي تُعتبر مزعجة، وصولاً إلى استعادة ذلك التوازن الهرموني المنشود.
وتشمل الخيارات الدوائية المتاحة التي قد يصفها الطبيب ما يلي ذكره:
- وسائل منع الحمل الهرمونية
- العلاج بالبروجستين فقط
- حمض الترانيكساميك
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)
- العلاج الهرموني (خاصة في فترة ما قبل انقطاع الطمث)
- أدوية علاج الحالات المسببة (الغدة الدرقية، أو تكيس المبايض PCOS، أو ارتفاع البرولاكتين)
- منبهات الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية (GnRH agonists/antagonists)
- المضادات الحيوية (في حالات العدوى)
وجدير بالذكر أن وسائل منع الحمل الهرمونية والعلاج بالبروجستين فقط تُعتبر من العلاجات الشائعة الاستخدام لتنظيم الدورة. كما يُستخدم كل من حمض الترانيكساميك ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية لتقليل ما قد يطرأ من غزارة في النزيف. وبالمثل، يمكن اللجوء إلى استخدام العلاج الهرموني في تلك الفترة التي تُعرف بأنها فترة ما قبل انقطاع الطمث.
أما الحالات المسببة في ذاتها، كاضطرابات الغدة الدرقية ومتلازمة تكيس المبايض وارتفاع البرولاكتين، فإنها تُعالج بأدوية خاصة بها. وفي بعض الحالات الأخرى قد تُستخدم ما يُعرف بمنبهات GnRH أو حتى المضادات الحيوية.
العلاجات الجراحية (اللجوء إليها عند اللزوم وفي حالات محددة)
في بعض السيناريوهات المطروحة، وعندما لا تحقق تعديلات نمط الحياة أو حتى العلاجات الدوائية تلك النتائج المرجوة، أو عند وجود سبب هيكلي واضح المعالم يتطلب الأمر معه تدخلاً مباشراً، أو حينما تكون رغبة المرأة في الحمل عاملاً مؤثراً في اتخاذ القرار، فإنه يتم اللجوء إلى ما يُعرف بالخيارات الجراحية.
وإنه لمن الضروري جداً، بل ومن الأهمية بمكان، مناقشة الرغبة في الحمل مستقبلًا مناقشة مستفيضة مع الطبيب المعالج عند اختيار أي علاج، وذلك لأن بعض الإجراءات الجراحية قد تتعارض تعارضاً دائماً لا رجعة فيه مع القدرة على الحمل.
وتتضمن أبرز التدخلات الجراحية التي قد تكون ضرورية في هذا المقام ما يلي:
- استئصال الزوائد اللحمية (Polypectomy) أو الأورام الليفية (Myomectomy)
- الاستئصال الحراري أو التدميري لبطانة الرحم (Endometrial ablation)
- إصمام الشريان الرحمي (Uterine Artery Embolization - UAE)
- استئصال الرحم (Hysterectomy)
فمن بين الخيارات الجراحية المتاحة، يبرز إجراء استئصال الزوائد اللحمية أو الأورام الليفية، أو حتى الاستئصال الحراري لبطانة الرحم، وذلك سعياً لتقليل النزيف (وهو إجراء لا يُنصح به البتة لمن لديهن رغبة في الحمل). كما يُعد إصمام الشريان الرحمي خياراً مطروحاً لعلاج الأورام الليفية.
وفي نهاية المطاف يُعتبر استئصال الرحم بمثابة حل نهائي في الحالات التي توصف بأنها شديدة أو تلك التي لم تستجب للعلاجات الأخرى، وهو بطبيعة الحال لا يكون خياراً البتة لمن يرغبن في الحمل.
السبب الشائع | خيارات العلاج الأولية (نمط حياة أو علاج دوائي) | خيارات علاج متقدمة/جراحية (عند اللزوم) |
---|---|---|
متلازمة المبيض متعدد التكيسات (PCOS) | تعديلات نمط الحياة (فقدان الوزن، ونظام غذائي صحي ومتوازن، وممارسة الرياضة المعتدلة)، أو وسائل منع الحمل الهرمونية، و/أو الميتفورمين، أو أدوية تحفيز الإباضة (إذا كانتهناك رغبة في الحمل مستقبلاً). | نادرًا ما تحتاج لجراحة إلا في سياق الخصوبة (مثل تثقيب المبيض بالمنظار في حالات مقاومة العلاج). |
الأورام الليفية الرحمية | المراقبة (إذا كانت صغيرة وبدون أعراض)، أو وسائل منع الحمل الهرمونية، أو حمض الترانيكساميك، أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، أو منبهات GnRH (مؤقتًا). | استئصال الورم الليفي (Myomectomy)، أو إصمام الشريان الرحمي (UAE)، أو استئصال الرحم (Hysterectomy). |
الزوائد اللحمية (البوليبات) في بطانة الرحم | المراقبة (إذا كانت صغيرة وبدون أعراض). | استئصال الزائدة اللحمية عن طريق تنظير الرحم (Polypectomy). |
خلل وظيفي في التبويض (Anovulatory Dysfunction) | تعديلات نمط الحياة، أو وسائل منع الحمل الهرمونية، أو العلاج بالبروجستين. | تحفيز الإباضة (إذا كانت هناك رغبة مستقبلاً في الحمل). |
قصور الغدة الدرقية | العلاج بهرمون الليفوثروكسين. | لا يوجد عادةً علاج جراحي لهذا السبب تحديدًا. |
فرط نشاط الغدة الدرقية | أدوية مضادة للغدة الدرقية، أو اليود المشع. | استئصال الغدة الدرقية جراحياً (في حالات معينة). |
نزيف حيضي غزير مجهول السبب (بعد استبعاد الأسباب الأخرى) | حمض الترانيكساميك، أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، أو وسائل منع الحمل الهرمونية (خاصة اللولب الهرموني). | استئصال بطانة الرحم، أو استئصال الرحم. |
مضاعفات عدم انتظام الدورة الشهرية
إِنَّ إهمال عدم انتظام الدورة الشهرية، والأمر الآخر المتمثل في عدم معالجة السبب الكامن وراءَه، كليهما يمكن حقاً أن يُؤدّي إلى ما هو بمثابة مجموعة من التبعات الصحية، وهي تبعات قد تتجاوز في أثرها مجرد ذلك الإزعاج الناتج عن النزيف غير المتوقع.
وهذه المضاعفات بحد ذاتها هي التي تؤثر على جوانب متعددة من صحة المرأة، بما في ذلك أمور جوهرية مثل قدرتها على الإنجاب، وصحتها الجسدية العامة، بل وحتى حالتها النفسية، وهو الأمر الذي لا محالة يُؤكِّد على أهمية التعامل بمنتهى الجد مع هذه المشكلة بعينها، وكذلك ضرورة البحث عن السبب الجذري بغية منع تطور ما يشبه سلسلة من المضاعفات المحتملة.
وتتضمن أبرز هذه المضاعفات المحتملة، تلك التي قد تنشأ نشأة مباشرة عن إهمال الحالة، ما يلي:
- صعوبات في الحمل والعقم.
- فقر الدم الناتج عن نقص الحديد (Anemia).
- هشاشة العظام (Osteoporosis).
- زيادة خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم.
- التأثير على صحة القلب والأوعية الدموية.
- التأثيرات النفسية والعاطفية.
فمما يعدّ حقاً سببًا رئيسيًا لمشاكل الخصوبة هو عدم انتظام التبويض ذاته. كما أنه يمكن للنزيف الغزير، في حال حدوثه، أن يؤدّي بالفعل إلى فقر الدم الناتج عن نقص الحديد. وفي بعض الحالات المعينة، قد نجد أن نقص الإستروجين المزمن من شأنه أن يزيد من خطر هشاشة العظام.
ويرتبط ارتباطاً وثيقاً عدم التبويض المزمن بحقيقة زيادة خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم. كما أنَّ الأمر لا يقف عند هذا الحد، إذ إِنَّ بعض الحالات المسببة في أصلها لعدم انتظام الدورة، ولنا في متلازمة تكيس المبايض مثال، هي مما يزيد من خطر أمراض القلب والأوعية الدموية. وعليه نقول أنه لا يمكن بحال من الأحوال إغفال ما هنالك من تأثيرات نفسية وعاطفية سلبية، تلك التي تكون عادةً ناتجة عن القلق والتوتر المصاحبين لهذه الحالة.
عدم انتظام الدورة الشهرية والخصوبة والحمل
إِنَّ انتظام الدورة الشهرية، وبوجه أخص انتظام عملية التبويض ذاتها، لَيُعدّ بحق مؤشرًا هامًا يُستدل به على خصوبة المرأة. ولذلك فإنَّ أيّ اضطراب يصيب هذا الانتظام يمكن جدًا أن تكون له تداعيات مباشرة تنال من قدرتها على الحمل.
ومع هذا وذاك، فمما هو مهم التأكيد عليه هو أنَّ عدم انتظام الدورة الشهرية في حد ذاته لا يعني بالضرورة حكمًا دائمًا يصم بالعقم، إذ إنّ العديد من تلكم الحالات يمكن علاجها علاجًا ناجحًا، كما أنَّ هناك خياراتٌ للمساعدة على الإنجاب تظل متاحة وقائمة.
كيف يؤثر عدم انتظام التبويض على فرص الحمل
إِنَّ عملية التبويض، ونعني بها إطلاق بويضة ناضجة من المبيض مرةً واحدة كل شهر تقريبا، لهي بمثابة حجر الزاوية الذي لا محيد عنه في عملية الإخصاب ومن ثم حدوث الحمل. فإذا ما كانت الدورة الشهرية لدى المرأة تتصف بكونها غير منتظمة بشكل كبير، كان هذا في غالب الأمر مؤشرًا على أنَّ عملية التبويض إما أنّها لا تحدث بانتظام (Oligo-ovulation) أو أنّها لا تحدث على الإطلاق (Anovulation).
فبدون عملية إطلاقِ بويضةٍ ناضجةٍ جاهزةٍ للتخصيب لا يمكن البته للحيوانات المنوية أن تجد ضالتها في بويضة تقوم بتلقيحها، وبالتالي فإنّ حدوث الحمل يصبح أمرًا يكتنفه الصعوبة البالغة أو قد يصل إلى حد الاستحالة بشكل طبيعي. وحتى في تلك الحالات التي يحدث فيها التبويض على نحو متقطع وغير منتظم، فإنَّ العجز عن التنبؤ بموعد حدوث التبويض هو ما يجعل الأمر صعبًا جدًا على الزوجين في سعيهما إلى توقيت الجماع بشكل مناسب بغية زيادة فرص الحمل.
اعتبارات خاصة للنساء ذوات الدورات غير المنتظمة اللاتي يخططن للحمل
أما بالنسبة للنساء اللاتي يعانين من دورات شهرية تتسم بكونها غير منتظمة وهنَّ يطمحن إلى الحمل، فإنَّ هناك عدةَ جوانبَ هامةٍ يجب إيلاؤها المراعاة اللازمة. وهذه الاعتبارات بعينها إنما تهدف إلى تعزيز فرص الحمل وتحقيق أفضل ما يمكن من النتائج الصحية الممكنة، وهي غالبًا ما تتطلب الأخذ بنهج استباقي، وإقامة تعاون وثيق مع مقدمي الرعاية الصحية.
وتتضمن هذه الاعتبارات الهامة التي يجب أخذها في الحسبان ما يلي ذكره:
- التشخيص المبكر للسبب.
- تتبع التبويض.
- تعديلات نمط الحياة.
- معرفة متى تطلبين المساعدة.
إذ تعتبر الخطوة الأولى هي ذاتها تحديد السبب الكامن وراء عدم انتظام الدورة، ذلك أنّ علاج الحالة الأساسية قد يفضي إلى استعادة انتظام التبويض. وقد يكون من شأن تتبع موعد التبويض أن يتصف بالصعوبة، لذا فإنّ المرأة قد تحتاج إلى استخدام أدواتٍ مساعدةٍ من قبيل اختبارات التبويض المنزلية أو اللجوء إلى مراقبة درجة حرارة الجسم الأساسية.
كما أنّ من شأن إجراء تعديلات على نمط الحياة مثل الحفاظ على وزن صحي وإدارة شؤون التوتر، أن يسهم في تحسين انتظام الدورة. ومما يُنصح به في هذا الصدد هو طلب استشارة طبية متخصصة في شؤون الخصوبة في وقت مبكر، ولاسيما إذا كانت المرأة قد تجاوزت سن الخامسة والثلاثين من عمرها.
الخيارات المتاحة للمساعدة على الإنجاب
أما في الحالات التي قد لا تُفلح فيها العلاجات الأولية أو ما يُجرى من تعديلاتٍ على نمط الحياة في استعادة التبويض المنتظم ومن ثم تحقيق الحمل، أو حتى عندما يكون الأمر متعلقًا بوجود سبب آخر للعقم يضاف إلى عدم انتظام الدورة، حينئذٍ تتوفر مجموعةٌ من الخيارات المتقدمة غايتها المساعدة على الإنجاب. وهذه التقنيات بعينها إنما تهدف إلى زيادة فرص حدوث الحمل بشكل كبير، فضلاً عن تجاوز عقبات قد تكون حائلةً دون الإخصاب الطبيعي.
وتشمل أبرز هذه الخيارات التي يمكن اللجوء إليها بعد استشارة الطبيب المختص ما يلي:
- تحفيز الإباضة (Ovulation Induction).
- التلقيح داخل الرحم (Intrauterine Insemination - IUI).
- الإخصاب في المختبر (In Vitro Fertilization - IVF).
- علاج الأسباب الكامنة.
ففيما يخص تحفيز الإباضة فإنه يتم فيه استخدامُ أدوية هرمونية غرضها تحفيز المبايض على إنتاج بويضة ناضجة. وغالبًا ما يجري العمل على دمج التلقيح داخل الرحم مع عملية تحفيز الإباضة، وذلك حيث يتم حقن عينة من السائل المنوي بشكل مباشر في الرحم. كما يُعتبر الإخصاب في المختبر (والمعروف أيضًا بأطفال الأنابيب) واحدًا من أكثر التقنيات المتاحة تطورًا، وفيه يتم تخصيب البويضاتِ في رحاب المختبر ثم يُصار إلى نقل الأجنة إلى الرحم. وفي بعض الحالات المعينة يكون علاج الأسباب الكامنة ومن ذلك مثلاً استئصال ورم ليفي، أمرًا ضروريًا لغايات تحسين الخصوبة.
الوقاية من عدم انتظام الدورة الشهرية
مع أنه لا يمكن بحالٍ من الأحوال منع جميع أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية، وبخاصة تلك الأسباب المتعلقة بحالات طبية ووراثية أو بأمراض معقدة، إلا أنَّ اتباع نمط حياة صحي لهو أمر يمكن أن يساهم مساهمة كبيرة في تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع عدم الانتظام، أو هو على أقل تقدير يمكن أن يقدم المساعدة في إدارتها إدارة أفضل والحد من تأثيرها على الصحة العامة.
وإنّ استراتيجيات الوقاية لتركز تركيزاً كبيراً على العوامل القابلة للتعديل، وهو الأمر الذي من شأنه أن يمنح المرأة دوراً فعالاً في الحفاظ على سلامة صحتها الإنجابية.
نصائح مهمة للحفاظ على نمط حياة صحي
إِنَّ اتباع نمط حياة صحي ومتوازن لَيلعب حقاً دوراً محورياً في الحفاظ على انتظام الدورة الشهرية وعلى الصحة الإنجابية بشكل عام. وهذه النصائح إنما تهدف إلى تعزيز التوازن الهرموني الطبيعي في الجسم وتقليل العوامل التي قد تفضي إلى اضطراب الدورة، وهي تعَدّ في جوهرها جزءاً أساسياً من الرعاية الذاتية.
وتتضمن هذه النصائح الوقائية التي يمكن للمرأة الكريمة اتباعها ما يأتي:
- الحفاظ على وزن صحي.
- اتباع نظام غذائي متوازن وصحي.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واعتدال.
- إدارة الإجهاد والتوتر بفعالية.
- الحصول على قسط كافي من النوم الجيد.
- تجنب التدخين وتجنب تعاطي المخدرات.
- الاستخدام المسؤول لوسائل منع الحمل.
ومما يُنصح به الحفاظ على وزن صحيّ، واتباع نظام غذائيّ يكون غنياً بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، وكذلك ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واعتدال. كما أنّ إدارة التوتر والقلق، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وتجنب التدخين وتعاطي المخدرات، فضلاً عن الاستخدام المسؤول لوسائل منع الحمل، كل أولئك هي عوامل تساهم أيما مساهمة في الحفاظ على صحة الدورة الشهرية.
أهمية الفحوصات الدورية
تُعدّ الفحوصات الطبية المنتظمة لدى طبيب النساءِ والتوليد جزءاً لا يتجزأ البتة من الرعاية الصحية الوقائية للمرأة. وهذه الزيارات هي التي تلعب دوراً هاماً في الكشف المبكر عن أيّ مشاكل صحية قد تؤثر على انتظام الدورة الشهرية أو على الصحة الإنجابية بشكل عام، حتى قبل ظهور الأعراض الواضحة للعيان، وهي تساهم مساهمة فعالة في الحفاظ على صحة جيدة على المدى الطويل.
وتتجلى أهمية الفحوصات الدورية في النقاط التالية التي من شأنها تعزيز الصحة النسائية:
- الكشف المبكر عن المشاكل الصحية.
- مناقشة أيّ تغيرات أو أعراض مقلقة مع الطبيب.
إنّ زيارة الطبيب بانتظام لتساعد فعلاً في إجراء الفحوصات الروتينية مثل فحص الحوض واختبار عنق الرحم، الأمر الذي يساهم بدوره في الكشف المبكر عن أيّ حالات كامنة. ومن المهم أيضاً، بل ومن الضروري، عدم التردد في مناقشة أيّ تغيرات ملحوظة في نمط الدورة الشهرية أو ظهور أيّ أعراض جديدة مع الطبيب المختص، فالتشخيص المبكر والعلاج المناسب هما اللذان يمكن أن يمنعا بفعاليةٍ تفاقم المشكلة.
متى تجب استشارة الطبيب؟
على الرغم من أنّ بعض التغيرات الطفيفة في الدورة الشهرية قد تكون طبيعية أو مؤقتة، إلا أنّ الأمر يستوجب الانتباه إلى أنّ هناك علامات تحذيرية معينة هي التي تستدعي زيارة الطبيب دون تأخير، كل ذلك لتقييم الحالة وأيضاً تحديد السبب الكامن وراءها. وإنَّ تمكين المرأة من معرفة هذه العلامات لَهُوَ الذي يشجعها على التماس المشورة الطبية في الوقت المناسب، وهو الأمر الذي يساهم بدوره في التشخيص المبكر وفي العلاج الفعال، فضلاً عن تجنب المضاعفات المحتملة.
أما الحالات التي تستوجب استشارة الطبيب وذلك لتقييم عدم انتظام الدورة، فإنها تتضمن ما يلي:
- توقف الدورة الشهرية فجأةً لأكثر من 90 يوماً.
- اضطراب الدورة بعد أنْ كانت منتظمة.
- دورات متقاربة جداً (أقل من 21 يوماً) أو متباعدة جداً (أكثر من 35-38 يوماً).
- نزيف حيضي غزير جداً (يتطلب تغيير الفوطة كل ساعة أو ساعتين).
- استمرار النزيف لأكثر من 7-8 أيام.
- حدوث نزيف أو تبقيع بين الدورات الشهرية.
- حدوث أيّ نزيف مهبلي بعد انقطاع الطمث.
- حدوث نزيف مهبلي بعد الجماع.
- الشعور بآلام شديدة جداً أثناء الدورة الشهرية.
- ظهور أعراض أخرى مصاحبة (حمى، أو إفرازات غير طبيعية، أو فقدان وزن غير مبرر).
- محاولة الحمل لمدة عام (أو 6 أشهر فوق 35 عاماً) مع دورات غير منتظمة.
- الشك في الحمل مع نزيف غير طبيعي.
- القلق بشأن الدورة لأيّ سبب آخر.
وعليه، فإنّ ملاحظة أيّ من هذه العلامات هي التي تستدعي عدم التردد البتة في استشارة الطبيب، كل ذلك لضمان الحصول على التشخيص الصحيح وعلى العلاج المناسب في الوقت المناسب.
الخاتمة
وفي ختام هذا المطاف، فإنَّ عدم انتظام الدورة الشهرية ليمثل تحدياً هو قائم بالفعل قد تواجهه المرأة، بيد أنه لا يستلزم بالضرورة أن يكون ذلك الأمر مدعاة للقلق الدائم المستمر. إِنَّ فهم الأسباب المتنوعة في تعدادها، بدءاً من تلك التغيرات الهرمونية الطبيعية وما يتصل بها من عوامل نمط الحياة، ووصولاً إلى تلكم الحالات الطبية التي قد تستدعي حقاً تدخلاً، لهو بحق الخطوة الأولى والمنطلق الأساس نحو التعامل الصحيح مع هذه الظاهرة عينها.
وإِنَّ ما تأتيه المرأة من مراقبة ذاتية، وما يتأتى لها من وعي بالأعراض، ثم ذلك اللجوء منها إلى الاستشارة الطبية متى ما استدعت الحاجة لذلك، ليكتسب كل ذلكم صفة العوامل التي من شأنها أن تُمكِّن المرأة أيّما تمكين من السيطرة على صحتها الإنجابية. ومع ما هو متوفر اليوم من خيارات للتشخيص وما استجد من سبل للعلاج المتقدمة، فإنه يمكن بالفعل معالجة العديد من حالات عدم انتظام الدورة معالجة تتصف بالفعالية، الأمر الذي يُساهم بدوره مساهمة جلية في تحسين جودة الحياة، وفي الحفاظ على الصحة العامة، وصون الخصوبة.
إخلاء المسؤولية الطبية
المعلومات المقدمة في هذا المقال هي لأغراض ثقافية وعلمية عامة فقط، ولا تُغني عن الاستشارة الطبية المتخصصة. يجب دائماً استشارة الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية المؤهل بخصوص أي أسئلة تتعلق بحالة طبية. ولا تتجاهلي المشورة الطبية المتخصصة أو تتأخري في طلبها بسبب ما قرأتِه هنا.
الأسئلة الشائعة عن عدم انتظام الدورة الشهرية
إِنَّ العديد من الأسئلة لهي التي تُطرَح حول مسألة عدم انتظام الدورة الشهرية، وأما هذه الفقرة فإِنها لتهدف إلى تقديم الإجابة على طائفة من هذه الأسئلة التي هي أكثرها شيوعاً وانتشاراً، وذلك بطريقة يُبتغى منها أن تكون مبسطة وفي الوقت ذاته مفهومة، مع إيلاء التركيز اللازم لتقديم معلومات هي في جوهرها قيمة وفي نفسها مُطمْئِنة للقارئات الكريمات، وكذلك مساعدتهن على أن يزددن فهماً لهذه الظاهرة فهماً هو أفضل وأعمق.
هل من الطبيعي أن تكون دورتي الشهرية غير منتظمة في بعض الأحيان؟
أجل، إنه لمن الطبيعي حقاً أن تشهد الدورة الشهرية بعضاً من التغيرات التي هي طفيفة، وذلك من وقت لآخر، وهذا الأمر راجع إلى عوامل شتى مثل التوتر أو السفر العارض أو حتى المرض الذي هو خفيف الوطأة. كما أن عدم الانتظام هذا كثيراً ما يكون شائعاً وذلك في مبتدأ مرحلة البلوغ وعند مشارف سن انقطاع الطمث. بيد أن الأمر يقتضي الانتباه، فإذا ما غدا عدم الانتظام هذا نمطاً هو مستمر في حدوثه، أو كان هذا وذاك مصحوباً بأعراض هي أخرى وفي ذاتها مُقلقة، فإنه لمن المهم عندئذٍ استشارة الطبيب المختص.
متى يجب أن أقلق بشأن غزارة الدورة الشهرية؟
إِنَّ القلق بشأن غزارة الدورة الشهرية ليصبح واجباً إذا كنتِ تحتاجين - سيدتي - إلى تغيير الفوط الصحية أو تلك السدادات القطنية كل ساعة أو ساعتين اثنتين وذلك لعدة ساعات متتالية، أو إذا ما كنتِ تلاحظين وجود تجلطات دموية هي في وصفها كبيرة (أي ما هو أكبر من عملة معدنية متوسطة الحجم)، أو إذا استمر النزيف ذاك لأكثر من سبعة أيام أو حتى ثمانية أيام، أو إذا أثّرت غزارة النزيف عينها على أنشطتكِ اليومية أو قد سببت لكِ أعراضاً تُنبئ عن فقر الدم مثل التعب المعروف والدوخة الشديدة.
هل يمكن لوسائل منع الحمل الهرمونية أن تسبب عدم انتظام الدورة الشهرية؟
نعم، فعند البدء في استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية أو حتى عند التوقف عنها، فإنه قد تلاحظ بعض النساء حدوث تغيرات هي واضحة في نمط الدورة، وهو ما يشمل النزيف الذي هو غير منتظم أو ذلك التبقيع، وبخاصة في الأشهر القليلة التي تكون هي الأولى. وفي غالب الأمر، فإن هذه التغيرات عادةً ما تستقر مع مرور الوقت. ولكن وسائل منع الحمل الهرمونية هذه تُستخدَمُ أيضاً لعلاج الدورة الشهرية ولتنظيم إيقاعها في العديد من الحالات.
هل يؤثر عدم انتظام الدورة الشهرية دائمًا على القدرة على الحمل؟
إِنَّ عدم انتظام الدورة الشهرية، وبخاصة إذا ما كان هذا الأمر ناتجاً عن عدم انتظام التبويض أو حتى عن غيابه بالكلية، لهو أمر يمكن أن يجعل الحمل مسألة هي أكثر صعوبة مما يُظن. ورغم ذلك، فإن هذا الحال لا يعني بالضرورة وجود عقم دائم ومستقر. فالعديد من أسباب عدم انتظام التبويض هي في واقع الحال أسباب قابلة للعلاج، كما أن هناك خيارات للمساعدة على الإنجاب هي الأُخرى متاحة إذا ما لزم الأمر اللجوء إليها. وعليه، فإنه لمن المهم بمكان تحديد سبب عدم الانتظام هذا، وذلك لعلاج مسألة الخصوبة علاجاً يتسم بالفعالية المرجوة.
ما هي أهم التغييرات في نمط الحياة التي يمكن أن تساعد في تنظيم الدورة الشهرية؟
إِنَّ أموراً جوهرية مثل الحفاظ الدائم على وزن صحي، واتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام ومعه اعتدال واضح، وإدارة كل من التوتر والقلق إدارة فعالة وناجعة، والحصول على قسط وافٍ وكافٍ من النوم الجيد والعميق، كل هذه مجتمعةً، لهي من أهم تلك التغييرات في نمط الحياة، وهي تغييرات من شأنها أن تساهم مساهمة إيجابية في تحسين انتظام الدورة الشهرية وفي تقليل خطر بعض أنواع الاضطرابات كذلك.
المراجع:
Mayo Clinic. (2023, June 29). Your menstrual cycle: What's normal, what's not. Mayo Clinic. Retrieved May 23, 2025, from https://www.mayoclinic.org/healthy-lifestyle/womens-health/in-depth/menstrual-cycle/art-20047186
Cleveland Clinic. (2023, January 18). Irregular periods (Abnormal menstruation): Causes, symptoms & treatment. Cleveland Clinic. Retrieved May 23, 2025, from https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/14633-abnormal-menstruation-periods
NHS. (2022, July 26). Irregular periods. NHS. Retrieved May 23, 2025, from https://www.nhs.uk/conditions/irregular-periods/
American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG). (n.d.). Abnormal uterine bleeding. ACOG. Retrieved May 23, 2025, from https://www.acog.org/womens-health/faqs/abnormal-uterine-bleeding
Healthline. (2023, February 26). Polycystic ovary syndrome (PCOS): Symptoms, causes, and treatment. Healthline. Retrieved May 23, 2025, from https://www.healthline.com/health/polycystic-ovary-disease
Endocrine Society. (2022, January 24). Hyperthyroidism. Endocrine Society. Retrieved May 23, 2025, from https://www.endocrine.org/patient-engagement/endocrine-library/hyperthyroidism
Merck Manual Professional Version. (2024, March). Abnormal uterine bleeding (AUB). Merck Manuals. Retrieved May 23, 2025, from https://www.merckmanuals.com/professional/gynecology-and-obstetrics/menstrual-abnormalities/abnormal-uterine-bleeding
American Society for Reproductive Medicine (ASRM). (n.d.). Defining infertility. ReproductiveFacts.org. Retrieved May 23, 2025, from https://www.reproductivefacts.org/news-and-publications/fact-sheets-and-infographics/defining-infertility/
Dhar, S., Mondal, K. K., & Bhattacharjee, P. (2023). Influence of lifestyle factors with the outcome of menstrual disorders among adolescents and young women in West Bengal, India. Scientific Reports, 13(1), 12476. https://www.nature.com/articles/s41598-023-35858-2
National Institute of Child Health and Human Development (NICHD). (n.d.). Menstrual cycle. NICHD. Retrieved May 23, 2025, from https://www.nichd.nih.gov/health/topics/menstruation